الجميع يشيد بكوبنهاغن الخضراء لكن ماذا عن مدينة يسكنها 20 مليون نسمة؟
Read this story in English"سيعيش مليار شخص إضافي في المدن بحلول العام 2030 ما يعادل إنشاء مدينة بحجم بوينس ايرس كل ثلاثة أسابيع على مدى الأعوام الـ15 المقبلة" يقول عمدة بوينس ايرس موريسيو ماكري في منتدى مجموعة المدن الأميركية اللاتينية C40 للقيادة حول تغيّر المناخ الذي عقد في الأرجنتين الأسبوع الفائت.
والسؤال الكبير الذي أجمع عليه ماكري وعمدات المدن الأخرى في المنتدى هو: كيف يمكن للمدن أن تستوعب هذا التوسع السكاني الهائل بطريقة مستدامة؟
كثيرا ما نسمع أن 70% من سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول العام 2050، وبالفعل إنه لتطور هام تعيشه بالفعل دول أميركا اللاتينية وهي المنطقة الأكثر تحضرا في العالم. لكن هل إن مدن هذه المنطقة من العالم على قدر هذا التطور لجهة خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتخفيف آثار تغيّر المناخ؟
1 - التصدي لآثار تغير المناخ لا ينعكس سلبا على الإقتصاد
"إنها معضلة خاطئة"، يقول رئيس المكسيك السابق فيليبي كالديرون أمام المجتمعين. بينما تتلكأ الحكومات في العمل على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لأسباب اقتصادية، يعتقد كالديرون أن خيار الطاقة المتجددة المنخفضة الكربون ليس مكلفا ويمكن أن يساهم بنمو إقتصادي على المدى الطويل. ويتابع "إنخفضت تكلفة الطاقة الشمسية بنسبة 90% منذ عام 1990 وأصبح للطاقة المتجددة قدرة تنافسية عالية للغاية".
2- يجب التحرك بسرعة
يقول عمدة مكسيكو سيتي ميغيل انخيل مانسيرا "وضع المدن يتطلب منا التحرك بشكل فوري (..) نحن بحاجة إلى أن نكون أسرع في وضع استراتيجيات المرونة تجاه المناخ". بدأت مدينته مؤخرا برنامج عمل للمناخ لست سنوات (2014 – 2020) يهدف للحد من الإنبعاثات الملوثة بنسبة 30%. منذ بدء البرنامج في حزيران الفائت تم تخفيض نسبة ثاني أوكسيد الكربون بقدر مليون طن، كما يؤكد مانسيرا.
بطبيعة الحال، إن الإستثمار هو جزء هام من هذه الخطة، وطالب العديد من العمدات في هذا المجال حكوماتهم بتمويل مشاريع الطاقة المتجددة وبنية تحتية للطاقة منخفضة الكربون. ويشير عمدة ريو دي جانيرو إدواردو بايس في هذا المجال إلى حاجة لتحفيز القطاع الخاص للإستثمار في هذا المجال للوصول إلى مدن تتسم بالمرونة تجاه المناخ.
3- نحن بحاجة إلى ثورة في قطاع النقل
مكسيكو سيتي هي واحدة من أكثر المدن تلوثا في العالم و56% من انبعاثاتها الملوثة تأتي من وسائل النقل. وبفعل هيمنة المركبات الخصوصية، فإن إعادة النظر بقطاع النقل هو الباب الأول لجعل مدن أميركا اللاتينية ومدن العالم أكثر مرونة تجاه المناخ.
وبحسب ما يشرح كالديرون فإن فوائد النقل العام النظيف تتخطى القدرة على إبطاء تغير المناخ: هناك تكاليف اقتصادية وصحية ضخمة تسببها حركة المرور الكثيفة في المدن. ويضيف كالديرون "من الأهمية بمكان الحد من استخدام السيارات (..) ليس هناك أي مدينة كبيرة في العالم تضع حدودا معينة لتلوث الهواء".
إن وسائل النقل العام الفعالة هي جزء هام من تطور قطاع النقل: بنية تحتية آمنة للدراجات وسيارات إلكترونية. إن أميركا اللاتينية معروفة باعتمادها أنظمة "الباصات سريعة التردد"، والتي تم استخدامها للمرة الأولى في مدينة كوريتيبا البرازيلية عام 1974. وتواصل هذه المدينة الإتكال على السيارات الإلكترونية الصغيرة، فضلا عن سيارات الأجرة والحافلات الكهربائية، بالإضافة إلى اتباع الأنظمة المذكورة أعلاه.
أما مكسيكو سيتي فتعمل حاليا على توسيع شبكة المتروباص وكذلك نظام المترو الخاص بها.
في عام 2013، حولت مدينة بوينس ايرس أربعة مسارب من شارع "أفينيدا 9 دي خوليو" ذا الـ20 مسربا إلى نظام المتروباص، ما وفر، بحسب الحكومة، 5612 طنا من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سنويا. كذلك وفرت العاصمة الأرجنتينية الحماية لمسارب الدراجات التي أنشئت منذ عام 2009، والتي تغطي حاليا 138 كيلومترا من العاصمة.
وفي عام 2010 سجلت هذه المسارب 140 ألف مشترك فيعا. باعتماد هذه الخطة، يرتفع استعمال الدراجات بشكل ممتاز.
التحفيز على السير على الأقدام هو أيضا جزء هام من خطة خفض استخدام السيارات. "نحن بحاجة لترسيخ مبدأ احترام المشاة"، يقول عمدة مدينة كيتو عاصمة الإكوادور، الذي يعمل أيضا على توسيع مسارب الدراجات والدراجات الكهربائية.
مدن أميركا اللاتينية وبينها كيتو، بوينس أيرس، ريو دي جانيرو ومكسيكو سيتي انضمت إلى مجموعة المدن الأميركية اللاتينية C40 للقيادة حول تغيّر المناخ في توقيع "إعلان الحافلات النظيفة" الذي يعبر عن التزامها بالحد من الإنبعاثات وتحسين نوعية الهواء.
4 – إستفد من النفايات
تساهم مكبات النفايات بانبعاث الغازات الدفيئة، ونقل النفايات إلى المكبات يساهم بدوره بالتلوث أيضا. وبفعل ازدياد عدد السكان وبالتالي نمو ناتج الإستهلاك، تم الإتفاق على إدارة فعالة للنفايات لتكون جزءا حيويا من مدن أكثر استدامة.
يعمل "ائتلاف المناخ والهواء النظيف" مع المدن بما فيها ريو دي جانيرو وساو باولو على مبادرة "النفايات الصلبة البلدية" التي تهدف إلى الحد من الميثان والتلوث في الهواء من خلال تنفيذ أفضل الإستراتيجيات لإدارة النفايات، مثل إغلاق المكبات المفتوحة والتخفيف من الغازات المنبعثة منها.
إعتمدت بلدية ساو باولو هذه الخطط ولديها حاليا مصنعين لتدوير النفايات، والتي تعيد تدوير 250 طنا منها يوميا. هناك أيضا صندوق تمويل تدعمه 1200 تعاونية وذلك لتدوير النفايات العضوية. وبنتيجة ذلك نحصل على مواد خام مثيرة للإعجاب، على الرغم من أن بلدية ساو باولو تؤكد أن هناك قضايا ملحة أكثر أهمية ما زالت بحاجة للمعالجة.
5 – إدعموا نموذج المدن الصغيرة والكفوءة باستخدام الطاقة
"إن النموذج التقليدي للتوسع المدني لم يعد مستداما بعد اليوم"، يعلن فيليبي كالديرون. في حين يستعر الجدل حول أزمة السكن بلندن، أشاد زعماء أميركا اللاتينية بالحزام الأخضر حول العاصمة البريطانية باعتبارها استراتيجية ايجابية للحد من مخاطر التوسع العمراني غير المحدود.
هذا لا ينكر أنه مع التوسع العمراني ستعاني المدن الصغيرة من كثافة سكانية. لكن المدن الأوروبية الصغيرة (عدد سكانها منخفض في المقابل) مثل كوبنهاغن تعتبر نموذجا إيجابيا، في حين أن المدن ذات الكثافة السكانية مثل هونغ كونغ ليست أمثلة يحتذى بها.
ويبقى السؤال بطبيعة الحال أن نجعل منطقة عمرانية كبرى كالعاصمة المكسيكية مثلا ذات الـ21 مليون نسمة، ونجعلها مثل كوبنهاغن ذات الـ2 مليون نسمة. في أميركا اللاتينية كما في مختلف مدن العالم، لا جواب حتى الآن.
المصدر:
theguardian.com - http://www.theguardian.com/cities/2015/apr/02/c40-latin-america-climate-resilience-green-copenhagen
تابعونا على #climatechangelb وشاركونا آراءكم
تصفح الموقع الذي يقدم لك المعلومات حول خطط مكافحة تغيير المناخ في لبنان: www.moe.gov.lb/climatechange
هذا المقال هو نتيجة شراكة بين فريق تغير المناخ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة البيئة في لبنان وفريق موقع" نهارنت". وجهات النظر و الآراء الواردة فيه لا تعبر إلا عن آراء أصحابها ولا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية لأي جهة سياسية أو منظمة دولية.