المحكمة الخاصة بلبنان تشهد لعبة شد حبال بين كاسيزي وبلمار
Read this story in Englishلايشتندام - نهارنت - خاص
نجح رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي في إيصال "رسالة غير مباشرة مع إشعار بالوصول" الى المدعي العام القاضي دانيال بلمار ولو على حساب صدقية الصحافيين اللبنانيين الذين سمعوا بأنفسهم القاضي كاسيزي يردد - ثلاث مرات بأشكال ومواضع مختلفة من لقائه معهم في مستهل المنتدى الثاني للإعلام الدولي في لاهاي - شهر كانون الأول المقبل موعدا تمنى أن يشهد صدور القرار الإتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.
وعلى الرغم من "النفي القاسي" الذي صدر عن مكتب التواصل الخارجي في المحكمة الخاصة بلبنان في شأن ما قاله كاسيزي فإن نحوا من عشرين صحافيا لبنانيا اجمعوا على أنه بمعزل عن الصيغة المستخدمة في نقل كلام كاسيزي فإن الثابت أن رئيس المحكمة بتكراره لشهر كانون الأول موعدا تمنى أن يصدر فيه القرار الإتهامي ولو أنه أكد في الوقت ذاته أنه لا يعرف ما إذا كان يصدر وفقا لتمنايته، لم يكن في صدد زلة لسان، وإنما كان في صدد تحديد إطار زمني لصدور القرار الإتهامي ولو بطريقة دبلوماسية.
لكن عاملين من مستوى رفيع في المحكمة الخاصة بلبنان يرون أن الصحافيين اللبنانيين دفعوا ثمن "لعبة شد حبال" غير معلنة تدور منذ أسابيع داخل أروقة المحكمة بين رئيسها أنطونيو كاسيزي والمدعي العام فيها دانيال بلمار. الأول يريد الإسراع في بدء جلسات المحاكمة وهو ما لا يمكن أن يتحقق من دون قرار اتهامي يصدره بلمار، والثاني يريد استنفاد الحد الأقصى من الوقت ليأتي ما سيصدره من اتهامات مبنيا على أرض صلبة من القرائن والأدلة والإثباتات.
ويبدو من خلال حديث كاسيزي عن كانون الأول المقبل موعدا يتمنى أن يصدر فيه بلمار قراره الاتهامي الاول أن رئيس المحكمة يريد أن يضع المدعي العام أمام نوع من "الأمر الواقع" الذي يشكل له نوعا من الإحراج، من دون الوصول معه الى المواجهة المعلنة، لدفعه الى الإسراع في إصدار قراره الإتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.
ويشير عاملون كبار في المحكمة الى أن تاريخ كاسيزي من الضغوطات على المدعين العامين معروف لا سيما من خلال قصته الشهيرة مع المدعي العام في محكمة يوغوسلافيا السابقة ريتشارد غولدستون الذي عاد وترأس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في حرب غزة. فقد دعا كاسيزي في منتصف تسعينيات القرن الماضي، قضاة محكمة يوغوسلافيا السابقة الى اجتماع وضعوا فيه بيانا يعلن تمسكهم بضرورة اتهام كبار المسؤولين عن جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة وسوقهم الى المحاكمة أمامهم لا مجرد الاكتفاء بتوجيه الاتهام الى بعض منفذ الأوامر من الدرجات الدنيا من المسؤولية. وقد دعا القضاة غولدستون لإطلاعه على البيان قبل نشره، فما كان منه بعد الإطلاع عليه سوى الموافقة عليه شرط أن يقوم هو نفسه بتوقيعه الى جانبهم تلافيا للإحراج ومنعا لتحمله مسؤولية التباطوء في القيام بمسؤولياته.
كبار العارفين بمسار الأمور داخل المحكمة يؤكدون أن الأمور بين كاسيزي وبلمار لن تصل الى ما وصلت اليه بين كاسيزي وغولدستون من قبل، لكن "رمي حجر في المياه الراكدة ضروري من وقت لآخر من أجل تحريك الأمور ودفعها الى الأمام"!