الاتهامات للمحكمة الخاصة بلبنان نسخة عن الحملات على محكمة يوغوسلافيا السابقة
Read this story in Englishأسقط اليوم الثالث والأخير ل"منتدى الإعلام الدولي" الذي دعت اليه المحكمة الخاصة بلبنان في هايغ "نظرية المؤامرة" كخاصة لبنانية يلجأ إليها المتضررون من المحكمة في الحملة السياسية والإعلامية التي يستهدفون من خلالها صدقية عمل المحكمة ويشككون في خلفياتها وأهدافها بعيدا عما هو محدد لها علنا من كشف للمسؤولين عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وجرائم الاغتيال ومحاولات الاغتيال الأخرى التي يمكن للتحقيق أن يكشف ترابطا بينها وبين جريمة اغتيال الحريري.
فقد تبين لممثلي وسائل الإعلام اللبنانية من خلال الطاولة المستديرة التي عقدت في مقر "مؤسسة الإعلام الخارجي" في لاهاي بهولندا والتي شارك فيها صحافيان ساهما في مواكبة أعمال المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بجرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة، وهما توماس فيرفيس، ونيدزارا احمتازيفيتش أن ما تتعرض له المحكمة الخاصة بلبنان من اتهامات وتشكيك بأسباب تأسيسها وأهدافها ليس سوى نسخة طبق الأصل عما سبق أن تعرضت له محكمة يوغوسلافيا السابقة.
فقد أظهرت المناقشات وتبادل المعلومات في شأن التحديات التي تواجه الإعلام في تغطية عمل المحاكم الدولية، من زاوية الموضوعية في الجمع بين الآليات القانونية لعمل التحقيق والمحاكمات من جهة، وبين مواقف الفرقاء السياسيين من مبدأ المحاكم الدولية ومن الاتهامات بالاستهداف السياسي لبعض الفرقاء السياسيين من جهة مقابلة، جوامع مشتركة في مواقف المتضررين من محكمتي يوغوسلافيا ولبنان وفقا للآتي:
1- رافضو محكمة يوغوسلافيا اعتبروا عند تأسيسها في العام 1993 من خلال قرار لمجلس الأمن الدولي، بأنها تهدف الى تقسيم يوغوسلافيا السابقة بعد سقوط الشيوعية والاتحاد السوفياتي لإضعاف الكيانات المستقلة الجديدة الناشئة بما يسمح للولايات المتحدة الأميركية بوضع يدها على المنطقة، تماما كبعض الأصوات الصادرة في لبنان وتتهم الولايات المتحدة بالدخول من باب المحكمة الدولية لتقسيم لبنان وتفتيت المنطقة.
2- رافضو محكمة يوغوسلافيا السابقة اعتبروا عند إنشائها بأن عملها والاتهامات التي ستوجهها من شأنها أن تؤجج نيران صراع طائفي ومذهبي بين المسلمين والمسيحيين، وهو ما يحذر منه اللبنانيون المتضررون من عمل المحكمة مذكرين بأن أكبر مجزرتين في يوغوسلافيا السابقة ارتكبتا في العامين 1995 و 1999 (سريبرينتشا) أي بعد سنتين وسبع سنوات من تأسيس المحكمة.
3- رافضو محكمة يوغوسلافيا اعتبروا عند تأسيسها بأن البحث عن العدالة من خلال المحكمة سيؤدي الى ضرب الإستقرار بحروب متعددة الأطراف والجوانب في محاولة لإسقاط المحكمة ومنعها من القيام بعملها، وهو ما حدث فعلا في حروب ومعارك البوسنة والهرسك وصربيا وكوسوفو والجبل الأسود وغيرها. أما في لبنان فإن معادلة الخيار بين العدالة والإستقرار مزدهرة على خلفية اعتبار رافضي المحكمة الخاصة بلبنان والمتضريين منها أن العدالة التي تسعى اليها المحكمة سوف تضرب الاستقرار وتدخل لبنان والمنطقة في مشاكل وحروب معقدة.
4- خلال مرحلة التحقيق في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة شنت حملات شخصية قاسية على المدعية العامة كارلا ديل بونتي وصولا إلى وصفها ب "العاهرة". وهذا السيناريو تكرر مع المحقيين الدوليين ولا سيما منهم ديتليف ميليس الذي اتهم باستغلال وظيفته للبذخ والسهر والسكر وتلبية الدعوات الى الموائد وحياة الليل في بيروت. ولم ينج المحقق سيرج براميرتس والمدعي العام دانيال بيلمار من الاتهامات الموجهة اليهما.
5- اتهم المتضررون من عمل محكمة يوغوسلافيا السابقة المحققين بأنهم يعملون لمصالح استخباراتية أميركية ودولية، والسيناريو ذاته يتكرر اليوم مع التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه عندما يتهم المتضررون من المحكمة الخاصة بلبنان القيمين على المحكمة بخدمة مصالح الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
6- سعى كثيرون في مرحلة تأسيس محكمة يوغوسلافيا السابقة الى تعطيلها من خلال معادلات إقليمية ودولية، وراهن كثيرون على محاولة إقناع روسيا كوريثة للاتحاد السوفياتي، وكزعيمة ارثوذكسية، من أجل العمل والمساعدة على إسقاط المحكمة حماية لبعض الزعماء الصرب المتهمين بارتكاب جرائم حرب، لكن المحاولات فشلت واستمرت المحكمة.
7- جهد الممسكون بالسلطة في دول يوغوسلافيا السابقة الى إسقاط المحكمة الدولية من خلال عدم الاعتراف بها محليا، وهو السناريو الذي يطالب به معارضو المحكمة في لبنان على أمل النجاح في إسقاطها من خلال سحب الاعتراف بها. لكن المحكمة استمرت رغم إمساك المتهمين بالسلطة حتى أن بعض المطلوبين لا يزالون حتى اليوم يحظون بحماية بعض السلطات من دون أن يؤثر ذلك على المحكمة التي لا تزال تسعى على توقيفهم وإخضاعهم للمحاكمة الواحد بعد الآخر.
8- واجهت محكمة يوغوسلافيا السابقة منذ إنشائها صعوبات وعوائق مالية كثيرة، لكن الأمور كانت تنتهي في كل مرة بحلول تضمن استمرار عملها. وعلى سبيل المثال فإن موازنة السنة الأولى لمحكمة يوغوسلافيا السابقة بدأت ب 270 الف دولار لتصل اليوم الى 300 مليون دولار سنويا.
باختصار، فإن كل الإتهامات التي تساق اليوم الى المحكمة الدولية الخاصو بلبنان، سبق أن سيقت ضد محكمة يوغوسلافيا السابقة. وبعد أكثر من 17 سنة على الاتهامات الموجهة الى محكمة يوغوسلافيا لا تزال المحكمة تعمل، وهي حاكمت رؤساء ووزراء وقادة عسكريين، ولا تزال ماضية في استكمال المهمة الموكلة اليها من خلال جلسات تراوح بين 4 و 5 جلسات أسبوعيا لمدة تتراوح بين 6 و 8 ساعات يوميا.