مصادرة آلاف الدونمات من الأملاك العامة في الجنوب...وبارود لا يغطي احداً
Read this story in Englishاكّد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود ان "موقف وزارة الداخلية هو الإصرار على تطبيق القانون، وهذا ما لا يعجب البعض، إن على الاملاك العامة، او على الاملاك الخاصة من دون استيفاء شروط الترخيص".
واشار بارود لصحيفة "السفير" الى ان "الوزارة بالنسبة الى الاملاك العامة تعي وجود حالات شيوع، وتعرف ان في بعض المناطق لم تكتمل عملية التحديد والتحرير والفرز، ولكن هل يعني ذلك السماح بالبناء بصورة عشوائية، وهل يعني ذلك مخالفة قانون البناء لجهة إلزامية موافقة المكتب الفني في التنظيم المدني التابع لوزارة الاشغال؟"
واضاف ان "التعليمات المعطاة للقوى الأمنية تقضي بمنع كل الاعمال المخالفة، واذا كانت هناك من شكوى على القوى الأمنية فهناك المفتشية العامة، وانا لا اغطي أي مرتش واي مرتكب".
وذكر بارود تلقيه منذ أشهر "كتاباً من وزير الاشغال غازي العريضي يتقاطع مع موقف وزارة الداخلية"، موضحاً ان "الحلّ يكون بتسهيل شؤون المواطنين الواقعين في حالة من الشيوع في الملك، او في مناطق يصعب فيها الحصول على موافقة المكتب الفني، لكن ذلك يجب ان يكون الاستثناء، وهذا الاستثناء لا يمكن القبول به إلا من خلال تعديل تشريعي في مجلس النواب، وثمة اقتراح قانون من مادة وحيدة أعدّ بالتوافق مع عدد من الكتل النيابية، وهو ينتظر انعقاد جلسة تشريعية في مجلس النواب".
كلام بارود جاء على خلفية الاوضاع المستجدة في منطقة جنوب صيدا باتجاه صور وصولاً إلى العرقوب نتيجة وضع اليد على الأملاك والمشاعات آخذين من الأزمة المعيشية او السكنية عنواناً لتشريع المخالفات وتبريرها في هذا المكان أو ذاك. كما ان البعض يرجع السبب الى قرار وقف رخص البناء الصادرة عن البلديات الذي سبق وأصدره وزير الداخلية زياد بارود في شباط العام 2010، لكي لا تشكل تلك الرخص عامل استفادة للبلديات ورؤسائها انتخابياً على أبواب الانتخابات البلدية الماضية، إلا انه استظل بالسياسة بشكل عام واخذ بعداً مذهبياً وكيدياً في مناطق معينة، تفشت معه ظاهرة البناء العشوائي على آلاف الدونمات من الأراضي العامة، وباتت معه الواجهة الساحلية البحرية خاصة في الصرفند وعدلون مهددة بالباطون المسلح.
وذكرت صحيفة "السفير" ان "هناك من لجأ الى ارتكاب مخالفة، منتهزاً فرصة تشريعها بقرار سياسي من هنا او هناك، الا ان ذلك لا يبرر ما قيل عن دخول بعض اصحاب الاموال على الخط ووضع اليد على مساحات من الأملاك العامة".
واضافت ان "هناك آلاف الدونمات من الأملاك العامة قد تمّ اجتياجها، وشيّد عليها حتى الآن نحو ألف وحدة سكنية، فضلاً عن المخالفات على الأبنية القائمة التي زيدت عليها طبقات اضافية في غير مكان".
واشارت الى ان "القوى الامنية عاجزة عن القيام بدورها المطلوب في مكافحة هذا الفلتان، بسبب النظرة الملتبسة اليها من قبل المواطنين، وافتقارها الى التجهيزات والعدد المطلوب من العناصر، وتواطؤ بعض العناصر مع المخالفين بالرشوة وتلقي الاموال. وعجزها الأكيد يتبدى امام القرار السياسي الذي يشكل مظلة الحماية لتلك المخالفات".
وشدّدت على ان "الشرارة انطلقت من منطقة الزهراني وتحديداً في الاملاك العامة التابعة لبلدة البيسارية التي يقطنها مهجرون من يارين الحدودية، وسبب اشتعالها ما اعتبره اهالي تلك المنطقة تمرير عدد من الابنية المخالفة بتغطية من قيادة قوى الأمن الداخلي في الجنوب وذلك بناء على طلب من أحد نواب مدينة صيدا قام براجعة المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي الذي طلب بدوره تسهيل اعمال البناء خاصة بعدما سعى احد كبار المسؤولين الأمنيين الرسميين في الجنوب الى منع تلك المخالفات".
وذكر ابناء تلك المنطقة ان "عدداً من ابناء البيسارية المحسوبين ثارت ثائرتهم بعدما عرفوا بأمر السماح لغيرهم بالقيام اعمال البناء والتي طالت مشاع البلدة، فباشر بعض اهالي البلدة بالبناء على اسطح منازلهم المبنية اساساً في الاملاك العامة".
وفي المعلومات ان "صداماً كبيراً وقع بين الاهالي وقوى الامن التي واجهت صعوبة بالغة في وقف تلك المخالفات، وهدد أحد الشبان بإحراق نفسه، فيما بقيت وحدات الجيش المنتشرة جنوباً على الحياد ولم تتدخل تخوفاً من ارتدادات لا تحمد عقباها، وذلك على الرغم من الطلبات المتكررة لقوى الأمن بتدخل الجيش في قمع المخالفات ووقف اعمال البناء العشوائية، حيث كان جواب الجيش ان وحداته تؤازر الدرك في حال اندلاع مشاكل وليس له التدخل في قمع مخالفات البناء".
والعجز في منع المخالفات سرّع من اعمال البناء على الأملاك البحرية في عدلون وانصارية والنجارية وسواها من القرى الساحلية وامتداداً الى منطقة الزراعة والمساكن الشعبية وطيرفلسيه شرق صور وبلدات مجاورة وصولاً الى المنصوري.
وقد شهدت المنصوري أمس الثلاثاء مواجهة بين القوى الامنية والاهلية على خلفية بدء اعمال البناء في الاملاك العامة كان يقوم بها بعض ابناء بلدة مجدل زون المجاورة.
واوضحت الصحيفة عينها، ان حركة "امل" و"حزب الله" اعتصما بالصمت حيال ما يجري، ما خلا إعلان الحركة مؤازرتها للقوى الأمنية في منع اعمال البناء على املاك وزارة الزراعة في حي الزراعة.
وكذلك "حزب الله" الذي عمّم على عناصره عدم التعدي على اراضي الدولة وترك خيار اضافة البناء على المنازل القائمة.
واوضح مصدر أمني رسمي في الجنوب، للصحيفة ان "المسألة تعود الى نحو عشرين يوماً، بعد بروز ظاهرة البناء العشوائي في حي يارين في البيسارية".
واشار المصدر الى ان "القوى الأمنية استنفدت قوتها وإجراءاتها في مواجهة هذه الظاهرة، ولكنها لم تستطع كبح جماح هذه الظاهرة، وذلك لاتساع رقعة المخالفات وحجمها، حيث أحصي حتى الآن ما يزيد عن 500 مخالفة في الجنوب ولا سيما في عدلون والصرفند والبيسارية (حي يارين) والزرارية والسكسكية، وهناك احتمال ان تتوسع الى مناطق أخرى وتحديدا في صور ولا سيما في زبقين والمنصوري ومجدل زون، بالاضافة الى مخالفات اخرى سجلت في مناطق النبطية والعرقوب، وكان قد سبقها وضع اليد على بعض المشاعات في منطقة بنت جبيل ومرجعيون في سياق أعمال المسح والتحديد والفرز والتحرير التي تقوم بها الدوائر العقارية في وزارة المال".
واكّد المصدر ان "السبب الرئيسي في عدم تمكن القوى الامنية من ازالة المخالفات ومنعها هو الضغط الذي مارسته قوى سياسية نافذة الى جانب المخالفين".
واضاف ان "كل الاجراءات التي اتخذناها كانت عاجزة عن المعالجة نتيجة الضغط السياسي".
ولفت الى ان "قوى الامن الداخلي اتخذت عدد من الاجراءات، حيث اوقفت العديد من المتورطين في الاعتداء على المشاعات، كما حجزت العديد من الآليات من جرافات وجبالات وغيرها التي تستخدم في اعمال البناء، بالاضافة الى فصل عدد من الضباط والعناصر ممن تتورطوا في هذه المسألة". وذكر المصدر ان "اجتماعات عدة حصلت في سرايا صيدا حضرها المحافظ وممثلون عن قوى الامن وهيئات بلدية واختيارية وقوى سياسية واحزاب لكنها لم تؤد الى نتيجة ملموسة بعد، سوى الاتفاق على العودة الى قانون الـ120 متراً".