فرنسا: الحكومة ستكون موضع مراقبة دولية والرئيس سليمان ضامن للمؤسسات والتوازن
Read this story in English
أفادت صحيفة "الحياة" نقلاً عن مصادر فرنسية مطلعة أن باريس بعثت برسالة الى الرئيس اللبناني ميشال سليمان عبر مبعوث وزير الخارجية مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السفير باتريس باولي، مفادها أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعتبره ضامناً للمؤسسات، وأن دوره محوري في ظروف يتجه فيها لبنان الى حكومة من لون واحد إذا تمكن الرئيس المكلف لهذه الحكومة نجيب ميقاتي من أن يشكلها، وأن في مثل هذه الظروف ستكون أعمال الحكومة والديبلوماسية اللبنانية موضوع مراقبة من الأسرة الدولية، وإن دور الرئيس سليمان سيكون محورياً في ضمان التوازن، وان الحكومة العتيدة في حال ارادت خرق الاتفاقات الدولية ستكون أعمالها موضع مراقبة، والمطلوب والمرجو من الرئيس اللبناني أن يضمن التوازن لأن أعمال الحكومة اللبنانية ستكون موضوع مراقبة ليس فقط من فرنسا وأوروبا ولكن أيضاً الدول العربية بسبب السياسة الإيرانية في المنطقة منذ اندلاع أحداث البحرين، وان في جو طائفي معقد ستكون أعمال الحكومة محط أنظار سواء بالنسبة للاتفاقات الدولية والدستور أي المحكمة الدولية واتفاق الطائف أم بالنسبة الى السياسة الداخلية وعلاقتها بالدول العربية المجاورة.
وقد وجه أيضاً مبعوث الخارجية الى قائد الجيش العماد جان قهوجي رسالة فرنسية باتجاه طلب المزيد من الجهد لمساعدة قوات الأمم المتحدة الموجودة في الجنوب، عبر زيادة الوحدات في الجنوب باعتبار أن مهمة "يونيفيل" هي تسهيل عودة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وليس استبدال الجيش، "إذاً ينبغي أن يزداد عدد وحدات الجيش في الجنوب على أن تتحمل مسؤوليتها على صعيد أمن الجنوب". ووعد قهوجي بزيادة الوحدات في الجنوب، وكان لبنان زاد عددها ولكن ليس بالشكل المطلوب.
وترى باريس أن الوضع السياسي في لبنان معقد "لأنه منذ أن قلب "حزب الله" المعادلة وأخرج الرئيس سعد الحريري من الحكم وعيّن الرئيس نجيب ميقاتي، لم يتمكن الأخير من تشكيل الحكومة، والمشاورات التي جرت بين فرنسا ودول صديقة لها حول لبنان خلال الأسبوع المنصرم قدمت فرنسا تحليلاً متفائلاً مفاده ان "حزب الله" الذي اعتقد أنه سيتمكن من أن يفرض أمراً واقعاً مع قلب حكومة الحريري، هو الآن في مأزق اذ أنه للمرة الأولى في دور السائق لكنه عجز عن تكريس الأمر الواقع بسهولة".
وتنظر باريس بارتياح لأنه "حتى الآن لم يكن هناك أي استخدام للقوة، إضافة الى أن سوريا في وضع داخلي صعب ولا يمكن لـ"حزب الله" أن يتنازل عن ترشيح ميقاتي الذي لديه تمثيل بأقصى حد 20 في المئة من السنة، وميقاتي يردد لمن يراه من الغرب أنه ليس مرشح "حزب الله" وأنه يريد حكومة ليست من لون واحد وأنه كان أخطأ عندما لم يشكل حكومة تكنوقراط فور تكليفه لأن الآن بعد ثلاثة أشهر هذا الأمر غير ممكن".
وترى باريس أن "ما كانت القوى الحليفة لسوريا وإيران، أي "حزب الله"، تقدمه على أنه سيتم خلال أيام قليلة بعد قلب حكومة الحريري، لم يتم. وميقاتي يواجه الآن مشاكل عدة من الأكثرية الجديدة التي أتت به الى الحكم وهي صعوبات خارجة عن معارضة 14 آذار. فرئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون يريد ثلثاً معطلاً والرئيس سليمان يريد الحفاظ على حقائب وزارية إضافة الى أن في رأي باريس رئيس جبهة "الضال الوطني" النائب وليد جنبلاط يبدو كأنه غير مرتاح من الأوضاع. فهو ليس مرتاحاً تاريخياً وثقافياً مع حلفاء سابقين من 14 آذار كما هو غير مرتاح مع الحلفاء الحاليين أيضاً. وهو متخوّف جداً من أنه لم يعد هناك أي قناة حوار واتصال بين الطائفتين السنية والشيعية وهذا خطير جداً في رأيه".
وترى باريس أن النائب ميشال عون "لديه هاجس الانتقام من الرئيس سليمان ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع والرئيس الحريري، وليس لديه أي شيء يقترحه سوى التعطيل في نظر المسؤولين في فرنسا وأوروبا".
والرسالة الأساسية من فرنسا الى "حزب الله"، هي أن باريس تتطلع الى احترام لبنان الالتزامات الدولية ومنها المحكمة الدولية. وتعتبر باريس أن تنسيقها مع لبنان حول القرار 1973 على ليبيا "كان جيداً ومثالاً للعمل من أجل القانون الدولي، ولبنان كان معنياً بالقضية الليبية بسبب تغييب الإمام موسى الصدر فلا يمكن للقضاء الدولي أن يكون انتقائياً بالنسبة الى الإمام موسى الصدر وأن يخرق القانون بالنسبة الى المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري". وأكدت فرنسا مجدداً لجميع الأطراف في لبنان اهتمامها بأن تستمر المحكمة الدولية بعملها المستقل.
وخلاصة التحليل الفرنسي أن "الانقلاب الحكومي الذي حدث في لبنان لم يحقق أي نجاح حتى اليوم". وترى باريس أن "النظام الإيراني يقمع في بلده ولا يحترم حقوق الناس الذين يطالبون بحقوقهم الأساسية، ومن ينتقد سياسة فرنسا ويتهمها بالكيل بمكياليين على صعيد ليبيا والبحرين من مؤيدي إيران في لبنان، عليه أن يرى أن النظام البحريني لم يحارب مواطنيه بالسلاح كما فعل القذافي وأن السياسة الإيرانية داخلياً وإقليمياً بعيدة من السياسة المسالمة".
وفي المحصلة ثمة اعتقاد في باريس بأنه "سيأتي وقت سيتغير فيه الوضع المعطل في لبنان إما بسبب تهديد معين ورد فعل عليه مع احتمال حدوث عنف، أو يبقى الوضع من دون قرار نتيجة عدم يقين سوريا، وما يحدث فيها له تأثير أساسي على التوازن الإقليمي في تحليل فرنسا".