رائحة الدم والبارود تفوح من حي الميدان الدمشقي الذي سيطر عليه الجيش الجمعة

Read this story in English W460

تحولت ساحة الساخنة في حي الميدان العريق الى ميدان حرب يتصاعد منه الدخان وتفوح رائحة الجثث الملقاة على الارض الى جانب عدة سيارات متفحمة تنتشر حولها الرصاصات الفارغة وقطع الزجاح المحطم.

هنا "لجا اغلب المسلحين قبل ان ناتي ونقضي عليهم بعد يومين من الاشتباكات الضارية"، كما قال احد الجنود بعتاده الكامل وهو يتصبب عرقا تحت الشمس الحارقة بينما كان الدخان يتصاعد من بعض النوافذ التي كساها الرماد الاسود.

وكتب معارضون بعض العبارات المناهضة للنظام السوري مثل "لن نركع" و"حي الميدان يحميه الثوار" واخرى تعبر عن التضامن مع المدن المنكوبة من بينها "دير الزور تنزف" و "حمص العدية".

ونظمت وزارة الاعلام للمرة الاولى زيارة لنحو عشرين صحفيا استقلوا مدرعات تابعة لقوات حفظ النظام والامن لتقلهم الى هذا الحي الذي كان لفترة طويلة وجهة محبي الاكلات الشعبية والحلويات وخصوصا عند حلول رمضان والاعياد.

عند مدخل الحي، بدا ثقب كبير في منارة مسجد الماجد احدثتها احدى القذائف وتحطم زجاجه فيما ركنت على مدخليه دبابتان وعلى الرصيف تبعثرت صناديق البندورة والبطاطا والبصل التي كان احد الباعة يبيعها عند المدخل للمصلين الخارجين من الجامع.

وتشهد الشوارع المجاورة له التي كساها الزجاج المحطم وعبوات الرصاص الفارغة من مختلف الاحجام على ان اشتباكات عنيفة وقعت خلال الايام الماضية بين مسلحين متمردين وعناصر الجيش النظامي في هذا الحي الذي ابعثت منه رائحة البارود والموت.

واغلقت المحال التجارية وشطب الجنود كلمة "اضراب" التي كانت مكتوبة على واجهتها فيما فر اصحاب بعضها على عجل كما يبدو دون ان يتاح له الوقت لاغلاق متاجرهم. وبدت الشقق خالية من سكانها.

ويخيم صمت على هذا الحي تخترقه رشقات نارية من وقت لاخر بدون ان يثير ذلك الجنود الذين رافقوا الصحفيين في جولتهم "انهم الفلول لكننا سنقضي عليهم" كما اكد احد الجنود بفخر.

واتخذ عدد من الجنود مقرا لهم في احد محال الحلاقة الرجالية وجلسوا على كراس جمعوها على شكل حلقة امام الباب على الرصيف مستفيدين من وقت الراحة لاحتساء كوب من الشاي.

وشارك في الاشتباكات مجموعتان احدهما تتبع للحرس الجمهوري والاخرى فرقة المهام الخاصة، على حد قول احد الجنود، يرتدي عناصرهما زيين مختلفين احدهما اخضر مبرقع والاخر رمادي مبرقع.

وقال احد الموجودين في المكان ان "عناصر مسلحة" قدر عددهم بنحو 600 عنصر قدمت من احياء الزاهرة والتضامن وتل منين".

واضاف ان المجموعة "دخلت وتجمعت في الحي وقامت بتهجير الاهالي والعبث بالممتلكات العامة والخاصة وكتبوا عبارات نابية على الجدران وروعوا الاهالي الذين طلبوا من الجيش التدخل".

وتابع "بدأنا عمليتنا اول امس (الاربعاء) وانتهينا من العملية فجر اليوم (الجمعة) بعد ان تصدينا لهم وحاصرناهم وقتلنا بعضهم واعتقلنا اخرين كما فر بعضهم بعد ان القوا سلاحهم على الارض عن طريق المصارف الصحية والانفاق".

وفي احدى الشقق التي دخلت اليها مراسلة وكالة فرانس برس، اشار احد الجنود الى فجوة احدثها "احد المسلحين بواسطة قذيفة في جدار يفصل بين شقتين ليتمكن من الهرب" بدون ان يضطر الى المرور عبر الاسطحة او الشارع.

وكان التلفزيون الرسمي السوري اعلن ان الجيش "طهر" الجمعة حي الميدان قرب وسط العاصمة دمشق من "الارهابيين" بعد معارك عنيفة واعاد "الامن والامان اليه".

ولم يخل شارع من الشوارع التي جال عليها الصحفيين من اثار الدمار والحريق. وبدت سيارة تابعة لمنظمة الامم المتحدة مركونة على قارعة الطريق بعد ان تلقت قذيفة وتحطم زجاجها وهوت عجلاتها.

وفي شارع اخر، صدم احد الباصات الصغيرة اشارة مرورية ما ادى الى تكسرها ووقوعها على الرصيف المنصف بين شارعين عريضين، ما يوحي ان سائقها فقد السيطرة عليها بعد ان فوجئ بحدث ما.

وتكسر الزجاج الامامي لاحدى سيارات الاسعاف التابعة للشرطة كما تفحمت عدة سيارات كانت مركونة في اماكن متفرقة من الحي وتكسر زجاج بعضها الاخر.

وفي احد الشوارع الفرعية منزل هجره سكانه و"اتخذه المسلحون مقرا لهم واحدثوا مشفى ميداني تكدست فيه صناديق الادوية والمواد الطبية"، كما لفت احد العناصر المرافقة للوفد الصحفي.

التعليقات 0