الاسد يضع الكرة في مرمى اللبنانيين: موجة التفاؤل بولادة الحكومة تصطدم بشروط عون
Read this story in Englishتراجعت موجة التفاؤل بولادة الحكومة العتيدة بفعل اصطدامها بعودة رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" ميشال عون بشروطه في الحقائب والحصص الى المربع الأول الذي انطلقت منه المفاوضات.
واشارت صحيفة "الحياة" الى أن عودة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بعد اجتماعه بالرئيس بشار الأسد، ومن قبله زعيم "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية وشقيق الرئيس المكلف رجل الأعمال طه ميقاتي، "شكَّلت اندفاعة هي الأقوى باتجاه الإسراع في تأليف الحكومة، على ان تقدِّم الأطراف الرئيسة تنازلات متبادلة لتسهيل ولادتها".
وبحسب معلومات للصحيفة، فإن "الرئيس الأسد أراد من خلال لقاءاته القيادات اللبنانية تحرير دمشق من اتهامها غمزاً بأنها تقف وراء التريث في تأليف الحكومة لاعتبارات تتجاوز الشأن الداخلي اللبناني الى ما هو متعلق بالتطورات المتسارعة في المنطقة في ضوء المتغيرات التي تشهدها أكثر من ساحة عربية".
واكّدت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية في خصوص تأليف الحكومة، إن "القيادة السورية رغبت من خلال لقاءاتها اللبنانية في تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر، بأن الكرة الآن في مرمى الأطراف اللبنانيين، وعليهم أن يتدبروا أمرهم لتذليل العقبات التي ما زالت تعترض عملية التأليف، وبالتالي فهي أيضاً تسأل عن أسباب التأخير".
وشدّدت المصادر على أن "القيادة السورية ما زالت على موقفها الرافض التدخل في تفاصيل تأليف الحكومة طالما أن هذا التأليف محصور بأهل البيت الواحد، أي من اللون السياسي نفسه".
واوضحت ان "عدم التدخل السوري لا يعني أن دمشق ستبقى مكتوفة اليدين إزاء حال الفراغ السياسي في لبنان واستمرار حلفائها يستنزف بعضهم بعضاً من دون أي مبرر سياسي".
واضافت ان "الرسائل السورية الداعية الى الإسراع في تأليف الحكومة وصلت الى أصحابها وإلى جميع من يعنيهم الأمر في قوى 8 آذار".
وذكرت المصادر ان "الجميع هم الآن على علم بمضامينها، سواء كانوا من الذين زاروا العاصمة السورية أخيراً أم من الذين تبلّغوا من خلال وسائط الاتصال القائمة بين القيادة السورية وحلفائها".
واعتبرت المصادر أن "التقدم الوحيد الذي حققته المفاوضات حتى الآن يتمثل بالاتفاق على أن تتألف من 30 وزيراً".
واكّد ان "التواصل بين ميقاتي وعون لم ينقطع، وهو على تواصل مع باسيل، إضافة الى الدور الذي يقوم به المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب في حركة "أمل" علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ "حزب الله" حسين خليل، في محاولة مشتركة للتقريب في وجهات النظر بين الرئيس المكلف وعون".
وذكرت المصادر انه "يضاف الى ذلك الدور الضاغط الذي يلعبه جنبلاط من دون أن يقدم نفسه على أنه من يتولى تأليف الحكومة نظراً لأنه ينطلق من دور يعرف حدوده ولا يرغب بالدخول في اشتباك سياسي مع أحد".
ورأت ان "عون يرفع من سقف مطالبه في محاولة لتحسين شروطه".
وراهنت المصادر على أن "عون سيضطر الى تليين موقفه عندما يشعر أن للضغط السوري مفاعيلَه السياسية التي يجب أن تترجم في تسهيل ولادة الحكومة".
وذكرت ان "معظم الأطراف الرئيسة كانت تراهن على أن تكثيف الاتصالات كان سيؤدي ليل أول من أمس الى التفاهم على اللمسات الأخيرة للتركيبة الوزارية".
واضافت انها "فوجئت بإصرار عون على أن يتمثل تكتله بـ 12 وزيراً، إضافة الى تمثيل الحزبين "السوري القومي الاجتماعي" و "الديموقراطي اللبناني" بوزيرين، ما يعني أن قوى 8 آذار مجتمعة إذا ما أضيفت إليها حصة "أمل" و "حزب الله"، وهي ستة وزراء، ستتمثل بعشرين وزيراً في مقابل ترك 10 وزراء لرئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف وجنبلاط، أي أقل من أكثرية الثلث الضامن وهو 11 وزيراً".
وأضافت أن لا عقبةَ مستعصية أمام لقاء ميقاتي وعون، "لكن يجب التحضير له ليأتي تتويجاً للتفاهم الذي يضغط باتجاه تسريع الخطوات لولادة الحكومة بدلاً من أن يتحول مناسبة لتكريس الصدام، وهذا ما يتفاداه شخصياً الرئيس المكلف".
وزادت المصادر أن "عون ومعه بعض حلفائه يبدون استعداداً للتنازل عن وزير من الحصة التي يطالبون بها، شرط أن تكون من نصيب وزير آخر محسوب فعلاً لا قولاً على المعارضة السنية".
وذكرت المصادر ان "بعض الأطراف لا تتمسك في 8 آذار بتوزير فيصل عمر كرامي، رغبة منها بمراعاة ميقاتي الذي لا يريد أن يغضب حليفه النائب أحمد كرامي الذي ما زال يهدد بموقف في حال توزير ابن ابن عمه، وهي تقترح كحل وسط أن يصار الى توزير واحد من اثنين: عبدالرحيم مراد أو أسامة سعد".
ورأت المصادر أن "إصرار عون على أن يعطى وزارة الداخلية يلقى معارضة ليس من رئيس الجمهورية فحسب، وإنما من ميقاتي أيضاً، الذي يرفض أن تكسر كلمة الرئاسة الأولى".
وعن ما تردد عن طرح اسم سليمان فرنجية لتولي الداخلية، أكدت مصادره للصحيفة عينها أن" لديه قراراً نهائياً بعدم تسلمها".
واعتبرت المصادر أن اصطدام موجة التفاؤل بشروط عون ستؤخر ولادة الحكومة، لكنها لن تعيقها، "والأيام المقبلة ستثبت أن الحكومة ستشكَّل حتماً، وأن تطويل المفاوضات وتمديدها لن تدر نفعاً على من يراهن على أنه يستطيع أن يفرض شروطه على الآخرين وصولاً الى تقديم نفسه على أنه يشكل الحكومة، وأن للآخرين دوراً في التفاصيل".