مصير الأستونيين السبع لا زال مجهولا:إرسال دبلوماسي من بروكسل الى لبنان للمتابعة
Read this story in Englishتتكثف عمليات البحث عن الإستونيين المخطوفين في سلسلة جبال لبنان الشرقيّة وخصوصا في المخيمات الفلسطينيّة والمعابر الحدوديّة، ولم تكن القوى الأمنية اللبنانية من قوى أمن وأمن عام وجيش حتى ساعة متأخرة من فجر اليوم الخميس قد تمكنت من جلاء مصير السيّاح الأوروبيين السبعة من أستونيا وأوكرانيا.
وكان حادث الخطف وقع بعد وقت قصير من دخول السيّاح - هواة التزلج على دراجات نارية عائدة لهم، قادمين من سوريا، حيث كانت تطاردهم المجموعة التي خطفتهم مستخدمة شاحنتي "فان" وسيارة مرسيدس قرب المدينة الصناعية في زحلة.
وتسعى وزارة الخارجية الاستونية للافراج عن السائحين الاستونيين السبعة إذ قال وزير الخارجية الاستونية اورماس بايت في تصريح صحافي الخميس، ان استونيا التي ليست لها سفارة في لبنان، "سترسل دبلوماسيا اليوم من بروكسل الى لبنان".
واضاف "لم تصل اية رسالة من الذين خطفوا الاستونيين في لبنان".
واوضح "انها مسالة معقدة بالنسبة لنا، لان الناس يتحرقون لمعرفة التفاصيل، لكننا لا نستطيع مناقشة كل شيء في العلن".
وذكر انه اجرى اتصالا بالسلطات اللبنانية التي وعدت ببذل كل ما في وسعها لحل الازمة.
واكد الوزير الاستوني انه لا يعرف شيئا عن دوافع الخاطفين. وقال ردا على سؤال يتعلق باحتمال طلب فدية "يجب الا نستعجل الاحداث".
واعلن الوزير ايضا "اتصلنا بعائلات الاشخاص السبعة الذين خطفوا في لبنان"، مؤكدا انهم رعايا استونيون.
وقال "انهم جميعا رجال، ويعملون في قطاعات مختلفة وكانوا يشاركون معا في رحلة سياحية على الدراجة". الا انه رفض الكشف عن هوياتهم واعمارهم.
وأعاد هذا التطور الخطير الى المشهد الأمني الداخلي للمرة الأولى منذ الثمانينات من القرن الماضي ظاهرة خطف الأجانب في لبنان، حيث خطف خلال الحرب اللبنانية على الأقل 88 أجنبياً بين 1984 و1990 من بينهم 17 أميركياً، مع كل ما يمكن أن يترتب على هذه الاستعادة من انعكاسات خطيرة في تعامل العالم الخارجي مع لبنان ديبلوماسياً واقتصادياً.
ويأتي هذا الحادث ليطرح أسئلة مقلقة حول ما إذا كان لبنان عاد ساحة لتصفية حسابات وتبادل رسائل بين أطراف إقليمية ودولية مع الإشارة إلى حادث يتيم وقع العام الماضي عندما اختفى سائحان بولنديان لوقت قصير في سهل البقاع.
وعلم ان المخطوفين هم: بريت رايستك، مادسن بالغوجا، اندري بوك، مارتن ماشغال، كلون غوغر، جويل جومايكي، اوغست تيكو.
وعن الاحتمالات التي يمكن أن تكون وراء الخطف الذي سارعت الجبهة الشعبية - القيادة العامة الى نفي علاقتها بالموضوع، رجّحت مصادر أمنية رفيعة المستوى لصحيفة "اللواء" أن يكون السيّاح السبعة تمّ اختطافهم على يد مجموعة فلسطينية، لمقايضتهم بموقوف فلسطيني اعتقل مؤخراً في كييف عاصمة اوكرانيا، وينتمي إلى القيادة العامة، معتبراً أن هذا الاحتمال مرجح بقوة.
أو أن يكون الحادث أتى في سياق إرباك الساحة اللبنانية، التي ظلت هادئة امنياً على مدى الشهور الماضية، بخلاف الوضع على الساحات العربية، وتلك المحيطة أو القريبة من لبنان.
ولم تثبت الاستقصاءات بأن يكون للحادث علاقة بالأوضاع في مدينة درعا السورية، ودائماً بحسب مصادر "اللواء"، بالرغم من أن الأوروبيين السبعة جاءوا إلى لبنان من سوريا، ولم يعرف بعد خط سيرهم، سواء داخل سوريا أو في لبنان، علماً أن المؤشرات كانت تدل على انهم بعد دخولهم بطريقة شرعية عبر المصنع، كانوا يريدون التوجه شمالاً، أي باتجاه بعلبك.
ولم تستبعد المصادر الأمنية مسؤولية مجموعة فلسطينية، لكنها قالت أن هذا الأمر قيد التحقيق مشيرة إلى أن نفي "القيادة العامة" مسؤوليتها ليس دليلاً، خصوصاً وأن للقيادة العامة قاعدة عسكرية في منطقة كفرزبد المتاخمة للحدود اللبنانية مع سوريا، وإن كانت تبعد عدّة كيلومترات عن مكان اختطاف السيّاح.
بدوره أكد النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا لصحيفة "الشرق الأوسط" أن "السلطات القضائية والأمنية والعسكرية بدأت في التحقيقات وعمليات البحث والتحري، انطلاقا من المعلومات الأولية التي تجمعت حتى الآن".
وعبرت مصادر رسمية لبنانية لـ"الشرق الاوسط"، عن خشيتها من أن يكون حادث خطف استونيين السبعة مرتبطا بما يجري في ليبيا، على اعتبار أن التنظيم الفلسطيني الذي يشتبه فيه بخطف هؤلاء، لا يزال يتلقى الدعم والتمويل من النظام الليبي، وربما يكون هذا الحادث أول غيث تهديد معمر القذافي بضرب مصالح الأوروبيين في كل العالم، ردا على العمليات العسكرية الغربية ضد قواته.
ونقلت صحيفة "الحياة" عن مزارع كان في مكان الخطف شاهد باصين من نوع "فان" وسيارة مرسيدس - 300 متوقفة ومسلحين يضربون شخصاً ثم يدخلونه عنوة الى الفان ثم يغادرون بمركباتهم.
ويقول الشاهد في إفادته امام الأجهزة الأمنية انه ظن للوهلة الأولى ان الخلاف هو على أفضلية المرور، لكن بعد مغادرة المركبات شاهد سبع دراجات هوائية وأمتعة وجوازات سفر، فأبلغ الأجهزة الأمنية التي حضرت على الفور وباشرت تحقيقاً في الحادث.
وقد القيت دراجات المخطوفين على جانب الطريق ولم تمس حقائبهم وحاجاتهم وعثر بينها على هاتف خليوي وجهاز GPS.
وشوهدت سيارات الخاطفين تتجه نزولاً نحو طريق دير زنون، لكنها لم تعبر حاجز الجيش بل سلكت طريقاً فرعية من طرق عدة تعبر السهل.
وصرح مصدر أمني رسمي لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" بان المسلحين توجهوا بعد عملية الخطف الى منطقة كفرزبد القريبة من مركز لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة".
وصرح ناطق عسكري بأن القوة الامنية أقامت حواجز كثيفة في منطقة البقاع الاوسط حيث يقع المكان الذي حصلت فيه عملية الخطف وأن البحث مستمر للعثور على المخطوفين.
وأفادت صحيفة "النهار" أن المسلحين و"رهائنهم" اختفوا في منطقة زراعية نائية غير مأهولة بكثافة، وتقتصر على بيوت متفرقة قليلة لمزارعين وبدو. وقد شهدت هذه المنطقة سابقا الكثير من حوادث السلب والاعتداءات.
وأصدرت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" بيانا ليل أمس نفت فيه نفيا قاطعا وجود المخطوفين لديها، وأكدت "بذل جهودها وتعاونها من دون تحفظ او تردد للكشف عن مصير هؤلاء الاجانب بالتنسيق والتعاون مع الاجهزة الامنية والجيش اللبناني".
وأعلنت وزارة الخارجية الاستونية انها لم تتلق معلومات بعد عن اختفاء مواطنيها في لبنان. وقالت الناطقة باسم الوزارة مينا لينا ليند لـ"وكالة الصحافة الفرنسية": "منذ شهر نصحنا المواطنين بعدم التوجه الى لبنان".
وأضافت ان "بعض الاشخاص أبلغوا الوزارة نيتهم زيارة لبنان، لكننا لا نعلم إن كان هؤلاء المخطوفون فعلوا ذلك".
وأبلغ قنصل استونيا الفخري سامي قاموع صحيفة "النهار"، بعد توجهه الى زحلة واجرائه اتصالات مع المراجع الأمنية، أن المعلومات المتوافرة حتى الآن عن المخطوفين تفيد – استناداً الى ما سجلته كاميرات مراقبة – أن خاطفيهم كانوا ملثمين وان عملية الخطف تمت بعد نحو ساعة من عبور الاستونيين مركز الجمارك.
وتراوح اعمار هؤلاء بين 25 و40 سنة. وهم كانوا نزلوا في فندق واكيم ببرمانا في 15 من الجاري، وغادروه في 18 منه الى سوريا على دراجاتهم الهوائية.