الأقباط يتجمعون من جميع أنحاء مصر لتشييع البابا شنودة الثالث وحشود ضخمة أثناء دفنه
Read this story in Englishسيدات مسنات تتشحن بالسواد، شبان وشموا الصليب على ذراعهم يرتدون ملابس العمل البسيطة .. انهم فقراء الاقباط الذين جاءوا من جميع انحاء مصر وحاولوا دخول مقر كاتدرائيتهم في القاهرة لحضور جنازة البابا شنودة الثالث.
امضى العديد منهم الليل بطوله امام بوابة الكاتدرائية بعد ان وصلوا بالقطار مساء الاثنين سواء من محافظات الصعيد في الجنوب او من قرى الدلتا في الشمال.
واقامت قوات الشرطة المدنية والعسكرية حزاما امنيا حول الكاتدرائية منعهم من الدخول ولكنهم ظلوا ينتظرون ويحاولون.
وتسلق بعضهم سور الكاتدرائية وقفز داخل باحتها. وقال احد هؤلاء عندما احاط به رجال امن الكنيسة "بامكانكم ان تعتقلوني ولكني سأدخل".
وكان الواقفون بالخارج يهتفون "بنحبك يا بابا".
وكان جثمان البابا شنودة الثالث بزيه الكنسي وتاجه المذهب مسجى في نعش ظل مفتوحا طوال اقامة قداس الجنازة ولم يغلق الا بعد انتهائه لتنقله طائرة عسكرية الى دير الانبا بيشوي بوادي النطرون (100 كيلومتر شمال القاهرة) حيث سيتم دفن البابا بناء على وصيته.
وامضى شنودة الثالث فترة الرهبنة في بدايات حياته في دير الانبا بيشوي وهو الدير نفسه الذي قرر الرئيس المصري الاسبق انور السادات تحديد اقامته فيه عام 1981 عندما بلغت الخلافات بينهما ذروتها بسبب تحالف السادات مع الاسلاميين.
وحضر قداس الجنازة اعضاء من المجلس العسكري الحاكم وسياسيين من بينهم رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني المنتمي الى الاخوان المسلمين وعدة مرشحين محتملين للرئاسة وشخصيات قبطية من بينها رجل الاعمال نجيب ساويرس ووزير السياحة منير فخري عبد النور.
الا ان جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة المنبثق لم يمثلا في قداس الجنازة واعلنا انهما سيقدمان العزاء الاربعاء في الكاتدرائية.
ووصف الازهر في بيان البابا شنوده الثالث، الذي رعى اكبر طائفة مسيحية في الشرق الاوسط على مدى اربعة عقود، بأنه "قامة وطنية كبرى".
ولكنه كان يمثل اكثر من ذلك بكثير للاقباط الذين انتظروا ساعات خارج الكاتدرائية في محاولة لالقاء انظرة اخيرة عليه "والتبرك به".
وقال جون نشأت وهو طالب جامعي في الثانية والعشرين من عمره كان يتابع القداس على شاشة كبيرة وضعت على الجدار الخارجي للكاتدرائية: "ربنا اختاره وهو يختار الافضل".
واضاف ريمون (37 عاما) وهو سائق توك-توك من القاهرة "لقد فقدنا جميعا ابونا".
واحتفظ البابا شنودة الثالث بعلاقات طيبة مع الرئيس السابق حسني مبارك الذي اسقطته ثورة شعبية في شباط 2011 اذ كان يعتبره حائط صد في مواجهة الحركات الاسلامية.
ورغم ان بعض الاقباط كانوا يعتبرون ان يبلغ في التسامح ازاء ما يعتبرون انه تمييزا ضدهم، فان غالبيتهم يرون فيه تجسيدا لقيم دينهم.
وقال ريمون "لقد كان يعلمنا ان نغفر"، واضاف "امل ان تستقر البلد وان نحب جميعا (مسيحيين ومسلمين) بعضنا بعضا.
هذا واحتشد الاف الاقباط حول السيارة التي كانت تقل جثمانه لدى وصولها الى دير وادي النطرون وظلت قوات الشرطة العسكرية غير قادرة على السيطرة على الموقف لمدة تزيد عن 20 دقيقة، بحسب مشاهد بثتها قنوات التلفزيون المحلية.
وبعد ذلك، تم انزال النعش من سيارة الاسعاف التي نقلته من مطار عسكري الى الدير الواقع على بعد 100 كليومتر شمال القاهرة.
وبصعوبة حمل عدد من القساوسة النعش واستطاعوا ان يخترقوا الحشود للدخول الى الدير حيث دفن على الفور.
وكان الالاف ينتظرون منذ الصباح امام دير وادي النطرون لحضور مراسم دفنه و"التبرك" به لاخر مرة.
وظل شنودة الثالث الاب الروحي لاقباط مصر على مدى اربعة عقود.
وبدأت مراسم تشييع بطريرك الاقباط الارثوذكس صباح الثلاثاء بقداس اقيم في مقر كاتدرائيتهم في القاهرة.
وتم نقل جثمان البابا بعد ذلك بطائرة عسكرية الى مطار قريب من دير وادي النطرون.
وتوفي البابا شنودة الثالث السبت عن عمر يناهز 88 عاما في وقت بالغ الحساسية اذ تنامى خلال الشهور الاخيرة شعور لدى الاقباط، الذين يشكلون ما بين 6% الى 10% من 82 مليون مصري، بالقلق بسبب الصعود السياسي الكبير للحركات الاسلامية الذي جاء بعد سلسلة من الحوادث الطائفية وقعت العام الماضي.