غسان سلامة: الانشقاق حول جنوب لبنان له أبعاد سياسية ومذهبية والمحكمة الدولية جزء منه
Read this story in Englishاعتبر الوزير اللبناني السابق ورئيس ومؤسس معهد الشؤون الدولية في معهد العلوم السياسية في باريس غسان سلامة، ان التغيير في الحكومة والاكثرية هو لبنان لا ينتمي الى ما حصل في هذه الدول العربية.
واشار سلامة لصحيفة "الحياة" الى ان "الانقسام في لبنان قائم، وما حصل انه لأكثر من مرة في السنتين الماضيتين تم الضغط بوسائل مختلفة على فئات كانت من الأكثرية النيابية وحمل هذا الضغط بعض هذه الفئات الى تغيير موقفه. هذا الانتقال كوّن الأكثرية الجديدة بمجموعة قليلة لا تزيد عن 10 اشخاص".
واكّد الوزير السابق ان "الضغط كانت له أبعاد أمنية لا سيما في 7 أيار 2008، وبالتالي لم يكن ما حدث جزءاً من اللعبة السياسية التقليدية لكنه أدى الى نتائج في اللعبة السياسية، الوسائل التي استُعملت غير قانونية وغير سياسية لكن نتيجتها سياسية. انتقلت الأكثرية النيابية من مكان الى آخر. وبانتقالها فإن لبنان أمام وضع جديد: الظاهر فيه أن حكومة سعد الحريري انتهت وبدأت حكومة نجيب ميقاتي. لكن هذا هو الظاهر، وما هو أعمق انتقال توجه لبنان السياسي في المنطقة. هذا التغير في التوجه نعرف انه حاصل أمامنا لكننا اليوم، قبل تأليف الحكومة وقبل ان نقرأ بيانها الوزاري. لا نعلم تماماً المدى الذي سيذهب إليه هذا التغير في التوجه".
ورأى سلامة ان "جوهر الخلاف في لبنان ان هناك من يقول ان جنوب لبنان يجب ان يبقى حياً لمواجهة إسرائيل باسم مجموعة العرب طالما ان الحلّ للنزاع العربي – الإسرائيلي لم يتم. وهذا قائم منذ 40 سنةً منذ دخول حركة "فتح" الى منطقة العرقوب عام 1969، ووجدنا وجوهاً عدة له فلسطينية ثم حزب إلهية... تدعمها سورية. ومن جانب آخر هناك طـــرف لـــبناني يقول انه يكفي لبنان أن يتحمّل بمفرده عبء النزاع العربي – الإسرائيلي، وبما ان الدول الأخرى، إما وضعت سلاماً مع إسرائيل أو لم تفتح جبهتها امام الحرب مع إسرائيل، فلماذا على لبنان ان يتحمّل بمفرده تبعات النزاع العربي – الإسرائيلي؟"
واضاف ان "هذا انشقاق حقيقي في الرأي له أبعاد سياسية ومذهبية وأيديولوجية. والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان جزء من هذا الخلاف، لكنه قائم منذ زمن طويل، يعني أن المفردات التي نسمعها اليوم سمعناها في الستينات والسبعينات، كانت تطبق على الفلسطينيين، واليوم نسمعها من حزب الله، مثل التنسيق بين المقاومة والجيش... الموضوع هو الخلاف، هل يقبل هذا الدور للبنان او يُراد له دور آخر. الخلاف أخذ تسميات مختلفة عبر التاريخ: الحفاظ على منظمة التحرير، الحفاظ على سلاح المقاومة وصولاً الى مشكلة المحكمة الدولية".
واوضح سلامة ان "ما يفاقم هذا الخلاف هو الميل الدائم للطبقة السياسية اللبنانية بمختلف توجهها الى الاســـتقواء بالخارج. بمعــــنى انها تفضل ان يدعمها الخارج كفئة على ان تتوصل الى تفاهم داخلي. هذا الأمر عانى منه اللبنانيون خلال 40 سنةً وما زالوا. لذلك نحن في فصل جديد من مأساة عمرها 40 سنةً. عندما أقول حصل تغيير في التوجه فأحد أشكاله ان يتحدث الرئيس السوري بوضوح في صحيفة "وول ستريت جورنال" عن كيف يجب ان تكون الحكومة اللبنانية. هذا يشير ليس فقط إلى تغيير شخص في الحكومة، إنه تغيّر في التوجه السياسي الإقليمي ستكون له انعكاسات على المحكمة الدولية وعلى سياسة لبنان الخارجية وعلى الوضع الأمني في لبنان وعلى عقيدة الجيش اللبناني وعلى عدد كبير من الأمور والمواقف اللبنانية في الخلافات العربية – العربية، هناك انعكاسات سنراها تدريجاً. والسؤال اليوم الى أي مدى سيذهب هذا التغيّر؟".
من جهة اخرى، وجد النائب السابق في كلام الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لصحيفة "فيغارو" على انه لم يلتزم لـ"حزب الله" بأي شرط، ان "هناك أكثرية سنراها في مجلس الوزراء وأكثرية جديدة في مجلس النواب، وبالتالي هي التي ستقرر، بمعنى ان السلطة الحقيقية في لبنان ليست داخل مؤسسات الدولة، فمراكز النفوذ الحقيقية هي خارج إطار الدولة، موجودة عند السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري والجنرال ميشال عون وسمير جعجع، رموز الدولة الكبار ليسوا مستقرين على قواعـد شعـبية هائلة. فالدولة هي مرآة لميزان القوى وهذا ما يحصل، والدولة ليست هي القائد للتحركات السياسية والاجتماعية، إنها مرآة لموازين القوى المحلية والإقليمية".
وعن وسطية رئيس الحكومة ميقاتي، اشار الى انه "قد يكون وسطياً لكن عليه ان ينفذ ما يقتضي وجود هذه القوى، فالموضوع الأساسي حصل. إنه انقلاب ميزان القوى، وشخص رئيس الحكومة يكاد يكون أمراً ليس أساسياً. ما هو أساسي التغيّر الحقيقي الذي حصل في الشارع، والذي أدى لاحقاً الى تغيّر وجه الغالبية النيابية، وبالتالي فإن شخصية الرؤساء الثلاثة ليست هي الأمر الفاعل، هم سيحاولون ان يكونوا مرآة لميزان القوى".
واكّد في هذا الاطار ان "لبنان يعيش أجندة مختلفة الى حد ما عن الدول العربية الأخرى، وبالتالي لا يحق للأكثرية اليوم ولا لأكثرية الأمس ان تقول ان ما حصل في مصر وغيرها يصب في ميزانها، لأن معايير التعبئة في لبنان في السنوات الماضية لم تكن اليوم ولا في الماضي وفق ما يحصل في مصر أو تونس أو اليمن، كانت معايير مذهبية وسياسية مرتبطة بالسلاح والاغتيالات والمحكمة الخاصة بلبنان".
وعن تأثير القرار الاتهامي في لبنان قال: "لا أعرف شيئاً عنه. ليس لدي أي علم. ما نحن ذاهبون إليه على الأرجح استمرار المحكمة، ولكن من دون تعاون لبناني".
وذكر ان "عدم تعاون الدولة يؤخر المحاكم مثلما حصل في كمبوديا بعد 30 سنة من محاكمة".
واوضح سلامة للصحيفة ان تشكيل الحكومة مرتبط بأن تضم الحكومة أطياف مختلفة من الطبقة السياسية اللبنانية وليس فقط من الأكثرية الجديدة التي سمت ميقاتي"، معتبراً ان التأخير سببه نوع من عرقلة لهذا التوجه وليس المحكمة الدولية او صدور القرار الاتهامي".
وختم سلامة بأنه "لا أعتقد أن هناك شيئاً اسمه تكنوقراط، فأنا أتحمل مسؤولية مواقفي السياسية ولا أقبل أن أسمى بشيء غير موجود".