جنبلاط: معركة الحكومة مفتوحة وليست في صدد إلغاء المحكمة الدولية
Read this story in Englishاكّد رئيس حزب "التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط ثبات الحزب على خياراته والعودة الى الخيارات التاريخية في العام 2011.
واشار جنبلاط لصحيفة "الاخبار" الى انه صمد 30 عاماً في هذه الخيارات، واختلف بعدها مع سوريا على التمديد للرئيس اميل لحود "ولم نكن على علم بخفايا المصالحة الأميركية ــ الفرنسية بعد احتلال العراق التي أنتجت القرار 1559 سمّيته القرار اللعين والمشؤوم، وأنا رفضته أمام الرئيس جاك شيراك عندما اجتمعت به في كانون الأول 2004. قلت له إنني أرفضه لكن غيري وافق عليه".
ويرفض جنبلاط ذكر من وافق على القرار 1559، ولا يجيب اذا كان الرئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري من وافق.
وذكرت الصحيفة ان جنبلاط يتخذ موقعه في حكومة ميقاتي الجديدة وفقاً لبعض المعطيات، ومنها انه هناك "انقطاع كامل في العلاقة بينه والرئيس سعد الحريري، ولا وسطاء".
ولا يصف جنبلاط الأمر بالطلاق السياسي، لكنه يعزوه إلى خلاف مع الحريري "الذي لم يلتزم تعهدات كان قد قطعها، وسمعها منه جنبلاط مباشرة قبل ذهابه إلى دمشق في 15 كانون الثاني".
ويضيف انه "عندما زاره الحريري في منزله في كليمنصو، أبرَزَ له جنبلاط التسوية السعودية ــ السورية الموزّعة على ثلاثة شقوق، ثالثها يتعلق بإجراءات ما يسميه درء المفاعيل السلبية للقرار الاتهامي على لبنان. سأل الحريري ــ وقد تأكد من صحة الورقة التي بين يديه والتزام زائره إياها ــ ماذا يقول للرئيس السوري بشّار الأسد الذي كان سيلتقيه صباح اليوم التالي،15 كانون الثاني، وجاء ردّ الحريري "موافق"، واصرّ جنبلاط حيث قال "اريد أن أتأكد، أنا أتعامل مع رئيس دولة، هل أنت موافق كي أبلغه ذلك أم لا؟ فكرر الحريري "انا موافق".
وروى كيف انه "في الطريق إلى دمشق تلقى مكالمة من الوزير وائل أبو فاعور يخطره بأن المدعي العام للمحكمة الدولية دانيال بلمار خابر رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وأعلمه أنه سيضع القرار الاتهامي بين يدي قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين الاثنين 17 كانون الثاني. اتصل بلمار أيضاً برئيس المجلس نبيه برّي، فرفض الردّ عليه".
كما علم جنبلاط من الرئيس السوري أن بلمار سيسلم قراره الاتهامي إلى فرانسين الاثنين. وراهن جنبلاط على أن الحريري سيلتزم ما قطعه له، فلم يفعل، فيرجع جنبلاط قرار اصطفافه العلني مع سوريا والمقاومة الى رفض الحريري.
واوضح جنبلاط ان خيبتان رافقتا موقفه الاصطفاف مع سوريا والحزب هما، "عدم التزام الحريري ما وافق عليه في ورقة حقيقية وتسوية جدّية، وإخفاق المبادرة القطرية ــ التركية".
ويشدّد جنبلاط انه "حتى اللحظة الأخيرة ظللت أعمل".
ولا يودّ الدخول في سجال مع الحريري. لكنه يشير الى انه كان اجتمع برئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن في 11 كانون الثاني، ثم بالأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في 13 كانون الثاني: "لم اخترع هذه الورقة التسوية، تأكدّت من صحتها من بضعة تقاطعات. حاولت أن يمشي سعد بالتسوية، وكان يمكن أن يخرج منها كبيراً. لا أعرف هل فاضَلَ بين الأميركيين والسعوديين. لم يتنصل منها السعوديون، لكن هناك حسابات جيفري فلتمان ومروان حمادة ونظرية فؤاد السنيورة التي لا تزال سارية إلى الآن، وهي التفاوض مع الفريق الآخر بعد صدور القرار الاتهامي. لم يتغيّر ولا تغيّر سمير جعجع الذي يفكر مثله".
ويتساءل جنبلاط اذا كان "هناك عاقل يضع في التسوية بنداً مثل تثبيت اتفاق الطائف ومشاريع القوانين الـ69 من أيام حكومة فؤاد السنيورة، علماً بأن نبيه برّي كان قد أبدى استعداداً لمعالجة هذا الموضوع؟ هل هناك عاقل يضع بنداً مثل عدم التهجّم على فريقه الأمني والقضائي؟ أي بازار كان هذا؟".
ويرى جنبلاط ان "الحريري أوجد مشكلة سنّية ــ سنّية وعندما استقبل الرئيس ميقاتي ونظر إليه شزراً كأن ثمّة ثأراً شخصياً بينهما. لماذا لا يقبل بتداول السلطة؟ يوم له وآخر لسواه. عدّ تكليف ميقاتي أمر عمليات خارجياً واغتيالاً سياسياً".
وذكر جنبلاط انه في "يوم الغضب" في 24 كانون الثاني اتصل بالحسن وبالنائب السابق مستشار الحريري غطاس خوري ممتعضاً مما حصل، فجاء الردّ بأن بياناً بالتهدئة سيصدر ولكن جنبلاط قال حينها "انه لا يكفي فعلى الحريري ان يلقي كلمة".
وعن انتهاء الحريرية السياسية، يوضح ان "لا شيء ينتهي. والسياسة ليست جموداً، بل تأقلم وتعلم واتعاظ من الظروف. إذا لم يشأ الحريري التعلم ممّا حدث، فذلك يعني أنه يريد أن ينتهي. ومَن يتراجع ينتهِ. لسعد رمزيته في الحريرية تلزمه التأقلم مع الظروف. فوّت عليه فرصة كبرى عندما زار الرئيس الأسد 5 مرات. كان يمكن أن يفعل الكثير بالتعاون معه من خلال العاملين الشخصي والسياسي".
ويعطي جنبلاط الرئيس ميقاتي وحكومته دعماً كاملاً. ويضيف بأنه لا يستطيع ان يفرض عليه امراً بما في ذلك التسوية السعودية ــ السورية، لكنه يلاحظ أن هذه "التسوية تصلح كي تكون منطلقاً".
واكّد جنبلاط انه "علينا أن لا نتوهم أن المعركة سهلة، بل هي مفتوحة مع الدوائر والغرف السوداء الأميركية واللبنانية المقيمة في الفنادق الفخمة في باريس وفي قوى 14 آذار التي يجري كل أفرقائها تنسيقاً كاملاً في ما بينهم بتسابقهم على الاتصال بالرئيس ميقاتي، ويريدون عرقلة حكومته للانقضاض عليها عندما يتمكنون من ذلك".
واوضح جنبلاط ان "هناك إيحاء بالتمييع والاتصالات لتضييع الوقت".
وذكر انه "ينبغي أن نحمي هذه الحكومة، الرئيس ميقاتي منفتح على الجميع، بما في ذلك قوى 14 آذار. لا أعرف مغزى الانفتاح المفاجئ لأمين الجميّل وسمير جعجع، هل هو حسن نيّة أم محاولة لتضييع الوقت، ربما كان أمين يريد إرسال إشارات للخارج، إلى أن لديه حيثية مختلفة تجعله يطلب المشاركة".
وبالنسبة إلى جعجع "لا يسعه القيام بأي شيء، هناك أيضاً جوني عبده الذي يبشّرنا من باريس بزلزال. لا أعرف ماذا يريد هؤلاء. الرئيس ميقاتي يريد أن يعطي قوى 14 آذار فرصة للمشاركة، لكنني أعتقد بوجود أمر عمليات خارجي معاكس". وختم بأن "مهمته ليست سهلة على الإطلاق".
ويعتبر جنبلاط إن حكومة ميقاتي "ليست في صدد إلغاء المحكمة الدولية لأنه لا أحد يستطيع إلغاءها إلا مجلس الأمن، لكن علينا العمل على درء المفاعيل السلبية للقرار الاتهامي في الداخل. هذا هو المطلوب فقط".
وفي نقطة اخرى، يذكر جنبلاط بوسطية رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ويوضح انه "في مكان ما يمثلان وسطية ويريدان حكومة جدّية وفاعلة، خلافاً للشائعة التي تطلقها قوى 14 آذار ومروان حمادة من أنها ستكون حكومة نظام أمني جديد، أو يقولون على طريقة إذاعة صوت العرب إنها حكومة ولاية الفقيه".
واكّد انه "سنسعى نحن الثلاثة، الرئيسين سليمان وميقاتي وأنا، إلى أن تكون هناك كتلة وسطية ونحافظ عليها في الحدّ الأدنى، لكن ماذا سيفعل التخريب الأميركي والغربي؟ أنا لم أعد وسطياً منذ أعلنت اصطفافي في خيار سوريا والمقاومة. أنا واثق من القدرات التي يمتلكها الرئيس ميقاتي، وقد أظهر لنا حجم علاقاته العربية والدولية. إنه رجل ثقة. عندما كلف خفّ الضغط على الليرة اللبنانية. الرجل يبعث على الثقة".
ويعارض جنبلاط مطلب قوى 14 آذار المشاركة في حكومة ميقاتي انطلاقاً من بتّ موضوع سلاح المقاومة.
ويتوجّه الى "جعجع وسواه في هذا الموضوع بأن معالجة موضوع السلاح داخلية وعبر الحوار الوطني، أتمنى أن لا يتكلموا في هذا الموضوع ويذكرونا بـ7 أيار 2008، صحيح أن ما حصل حينذاك في بيروت والجبل أضرّ بحزب الله والمقاومة، لكن الصحيح أيضاً أنه كانت هناك أفكار جهنمية ترافق التشنج السياسي، استقدم الحريري من عكار عناصر للدفاع عن بيروت وجعلهم ميليشيا، ما أخاف حزب الله".
واشار الى "شبكة اتصالات حزب الله التي حرضوني عليها، أريد أن أسأل عن المذكرة السرية التي أرسلها الياس المر عبر مديرية الاستخبارات وسُرّبت إلى جريدة النهار، وكذلك الخريطة التي لم أكن أنا واضعها، بل جيء بها إليّ. لا أريد أن أنسى أيضاً ما سبق 7 أيار 2008، قبل سنة ونصف سنة في حرب تموز 2006 عندما اتهم حزب الله فريقاً من قوى 14 آذار بالتآمر عليه، انظروا إلى هذه القوى إلى أين أوصلتنا".
ويتحدث جنبلاط عن كل ما سبق للقول انه "بعد اتفاق الدوحة، يناقش موضوع سلاح المقاومة في الحوار الوطني، لأنه أساسي بالنسبة إلى لبنان وضروري لحمايته من العدوان الإسرائيلي. لم نسترجع الغجر، فكيف سنستعيد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا؟ وكيف نواجه الاختراقات الجوية الإسرائيلية؟".
ويذكر الثروة النفطية والغازية التي يراها موضوعاً "والتي تريد إسرائيل الاستيلاء عليها، عندما نتكلم على سلاح المقاومة نعود إلى القرار 1559".
وينظر جنبلاط الى" إلغاء السلاح بأنه يعني إلغاء مناعة لبنان وفصله عن كونه خاصرة لسوريا بغية إضعافها، وإعادته إلى الفلك الأميركي ــ الإسرائيلي".
ويتعارض جنبلاط في الرأي مع القائلين بأن ما حدث أخيراً انقلاب، موضحاً انه "ليس انقلاباً، بل إعادة للوضع إلى نصابه الحقيقي. أمن لبنان من أمن سوريا، وأمن سوريا من أمن لبنان، هذا التلازم شكل قاعدة أساسية في اتفاق الطائف الذي رعاه رفيق الحريري مع الملك فهد وسوريا، وبرعاية أميركية آنذاك".
وختم بأنه "الآن ارتاحت سوريا وستعود العلاقات اللبنانية ــ السورية المميّزة إلى طبيعتها. صحيح أن هناك فريقاً لن يستسلم رغم خسارته مصرّ هو قوى 14 آذار. سيظلّ هذا الفريق يعمل على التعطيل".