في غرب الموصل عائلات تشكو العوز وتفتقد لم شملها في رمضان
Read this story in Englishتعز الدنيا على أم محمد حين تضطر للانتظار في طابور طويل للحصول على سلة رمضانية تسد رمق أسرتها في غرب مدينة الموصل، بعدما كان شهر رمضان يعني لمديرة المصرف العاطلة عن العمل حاليا لمّ شمل العائلة والاحتفال.
وتقول أم محمد (38 عاما)، وهي أم لولدين، لوكالة فرانس برس بينما تغرورق عيناها بالدموع "يمر رمضان هذا العام وفي قلوبنا غصّة، بيوتنا وسياراتنا تدمرت والعائلة تفرقت"، في إشارة إلى إخوتها وأقاربها.
في حي الاقتصاديين في غرب مدينة الموصل، تسأل أم محمد بانفعال "هل يجوز أن نقف هنا في هذا الصف الطويل لننتظر مساعدة؟"، مضيفة "كنا قبل داعش في أحسن حال".
تسكت قليلاً قبل أن تسحب من حقيبة يدها محفظة صغيرة تفتحها وتبدو فارغة إلا من أوراق وبطاقة تعرّف عنها كمديرة مصرف لا تشأ ذكر اسمه خشية على أقاربها العالقين في الاحياء تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في غرب المدينة.
وتوضح بقهر لا يفارق ملامح وجهها "كانت حياتنا ملوكية، والآن سقطنا إلى القعر، من السماء إلى الأرض".
وتضيف قبل أن تسرع لاستطلاع حظوظها بالحصول على حصة رمضانية توزع على بعد أمتار، وفيما دوي قصف قريب يتردد في المكان، "الدنيا رمضان، زوجي لا يتمكن من الصيام وأنا أفطر على ما توفر"، قبل أن تتابع "حتى المياه التي نشربها فيها رمل وأحياناً ديدان".
وتخوض القوات العراقية هجوماً منذ سبعة أشهر لاستعادة مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق ومركز محافظة نينوى، من أيدي الجهاديين الذين كانوا سيطروا عليها قبل ثلاثة أعوام.
وحققت القوات العراقية منذ بدء هجومها تقدماً كبيراً ولم يبق تحت سيطرة الجهاديين إلا المدينة القديمة وبضعة أحياء في محيطها تشكل جبهات قتال راهناً.
وفي شارع طويل تتناثر فيه الحجارة والركام وهياكل السيارات المحروقة والمدمرة، يتهافت سكان من أحياء في غرب الموصل للحصول على حصص غذائية مجانية.
ويقف أطفال ورجال ونساء وعجزة يغطون رؤوسهم بمناشف وقطع قماش تقيهم أشعة الشمس الحارقة، بينما يتدافع آخرون أمام الشاحنة التي تحمل المساعدات.
-"العشب والتراب"-على مقربة من مكان التوزيع، تذرف أم يوسف (40 عاماً) الدموع بعد فشلها بالحصول على الحصة التي تضم أكياساً من الأرز والعدس والحليب والسكر ومعجون الطماطم والجبنة، لعدم تمكنها من تسجيل اسمها في اليوم السابق.
وتقول بحزن وغضب "لدي عشرة أولاد ونحن صائمون. نشرب الماء من البئر ونفطر على عصير الطماطم"، قبل أن تسأل "من يرضى بهذه الحال؟ أرتدي عباءتي منذ عشرة أيام"، في اشارة الى افتقار النازحين الى حاجات اساسية وهروبهم من مناطق المعارك من دون حمل شيء معهم.
وتتابع أم يوسف فيما يقدم أحد المارة بسكويتاً لطفلها "لا رمضان هذا العام ولا عيد بعد دمار منازلنا".
ثم تضيف بغصة "أحتفل بالعيد عندما تتحرر ابنتي ليلى (19 عاما) مع زوجها وأولادها الأربعة من سيطرة داعش. لم يعد لديهم إلا العشب والتراب يأكلونه".
وتمسك زهراء (34 عاما) من جهتها بقسائم بيضاء في يدها، بينما تنتظر الحصول على حصتها. وتقول لفرانس برس "الطقس حار ونحن صائمون بلا مياه وبلا كهرباء، عدا عن أن جزءاً من منزلنا مدمر".
ورغم هذا الواقع، تقول زهراء التي ترتدي عباءة سوداء وحجابا،ً "كل الأمور يمكن أن تحل لكن لم شمل العائلة هو الأصعب".
وتوضح أن قسما من أفراد عائلتها وأقاربها نزحوا من الموصل، "فيما لا يزال آخرون محاصرين في أحياء قريبة"، مضيفة "كانت مائدة رمضان تجمعنا".
وبمبادرة من شباب عراقيين متطوعين في مجال الإغاثة بعنوان "وصل تصل"، تمّ خلال أسبوع من شهر رمضان توزيع ألفي حصة غذائية تضم كل منها 12 منتجاً على دفعتين في منطقة 17 تموز في غرب الموصل، بعد أيام من طرد الجهاديين منها.
ويقول مدير الفريق محمد ديلان (21 عاماً) "نأمل أن نسدّ ولو جزءاً قليلاً من حاجات العائلات المحتاجة جدا في هذه المنطقة"، موضحاً أن المساعدات تأتي من تبرعات في العراق وخارجه.
- لا ماء ولا كهرباء -ويقول غزوان (38 عاما) بعد حصوله على حصص غذائية "الوضع ليس جيداً، لا مياه ولا كهرباء والجو حار".
ويضيف أن إعداد مائدة الإفطار يعتمد على "الأرزاق والمساعدات".
ويشكو الاهالي من غياب الخدمات الرئيسية عن المدينة التي خرجت منها مؤسسات الدولة بعد سيطرة الجهاديين عليها في حزيران 2014. وألحقت المعارك والغارات أضراراً كبيرة بالبنى التحتية والمنازل والخدمات.
واختار عبد الكريم علي (56 عاما) ألا يصوم في رمضان هذا العام، ويقول "لا نستطيع لأن لا ماء ولا كهرباء ولا مولد".
ويضيف "الصائم يحتاج إلى البرودة... ونحن حتى قالب الثلج لا نتمكن من الحصول عليه".