تزايد النقمة الاجتماعية في منطقة الريف في شمال المغرب
Read this story in Englishبعد ستة أشهر من مقتل بائع السمك محسن فكري بشكل مروع طحنا داخل شاحنة لجمع النفايات في مدينة الحسيمة بشمال المغرب، بات للاحتجاجات في تلك المنطقة اليوم اسم، الحراك الشعبي بمنطقة الريف.
يقول مسؤول محلي إن الأمر "سيستمر، والحراك امتد إلى كل مناطق" الريف.
وتحول ذلك الغضب إلى "زلزال اجتماعي"، وفق الصحافة المحلية، في تلك المنطقة الجبلية الواقعة على ساحل المتوسط، وذات الارتباط القوي بالهوية الأمازيغية والمتميزة بماضيها الاحتجاجي.
"الحراك قوي"، يقول ناصر زفزافي الذي أصبح في سياق التجمعات وخطاباته على فيسبوك، قائدا لحركة الاحتجاج. يشير هذا العاطل عن العمل البالغ من العمر 39 عاما، إلى "أننا نقاوم منذ ستة أشهر، رغم العقبات ومناورات الدولة لاضعافنا. وسنقاوم حتى يلبون مطالبنا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمنطقتنا".
وتبدو الحياة في الحسيمة المدينة التي يبلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة، ببيوتها المتراصة على الجبل وبمركزها المطل على المتوسط، طبيعية رغم التواجد الكثيف للشرطة بالزيين العسكري والمدني.
وتشهد المنطقة التي تعاني أصلا من عزلة طبيعية، أزمة اقتصادية كبيرة، إذ أن أموال المهاجرين لم تعد تصلها، وإنتاج القنب بات محظورا بشكل أكبر والتهريب باتجاه الجيوب الإسبانية في انخفاض. أما صيد الاسماك، وهو مصدر الغنى للريف، يواجه أزمة.
تلك العوامل كلها تضاعف الشعور بالاقصاء وانعدام الثقة حيال الدولة في هذه المنطقة المعتادة على الاحتجاج، حيث يرفرف العلم بالألوان الأمازيغي أو علم جمهورية الريف الزائلة، التي أعلنت في العام 1922 بعد انتصار المقاومة بقيادة عبد الكريم الخطابي على الاستعمار الإسباني.
-"هويتنا"-يقول فيصل عوصار الناشط المحلي في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن "علم الريف هو هويتنا، تراث منطقتنا"، مضيفا في رد على الاتهامات بالانفصال أنها "اسطوانة قديمة لتشويه سمعة الحراك".
وشهدت الحسيمة مسيرات كبيرة شارك فيها الآلاف، كان آخرها في التاسع من نيسان. وعادة ما يعلن في نهاية الأسبوع عن تجمعات تطوقها الشرطة على الفور أو تمنعها من الوصول إلى وسط المدينة.
وباستثناء مسيرة طلابية في أواخر آذار تحولت إلى العنف، فإن الاحتجاجات سلمية، وترفع المطالب نفسها: عمل، طرقات، جامعات، مستشفيات، واستثمارات.
ويعتبر عوصار أن "مطالبات هؤلاء الشبان محقة ومشروعة، كل الريف يدعمها"، مؤكدا أن "الحراك مستمر طالما لم يتم حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية".
من جهته، يرى ناصر زفزافي أن "هذا الحراك (...) له صدى في آذان الكثيرين بسبب الأزمة الاقتصادية، ولا سيما بين التجار والصيادين".
ويضيف "لم يعد يوجد شيء هنا. لا مال ولا أعمال"، ولا خيار آخر سوى الهجرة كما يقول سكان لوكالة فرانس برس.
وكان فكري (30 عاما) قتل في اواخر تشرين الاول 2016 في الحسيمة (شمال) بمنطقة الريف عندما علق في مطحنة شاحنة لنقل النفايات بينما كان يحاول على ما يبدو إنقاذ بضاعة له صادرتها الشرطة، من سمك ابو سيف المحظور صيده في المغرب في تلك الفترة من السنة. وأثار ذلك موجة غضب عارمة في الحسيمة حيث خرج الآلاف في تظاهرات، فيما شهدت مدن أخرى تجمعات اصغر حجما.
-الدعم من الشتات-دور المهاجرين محط نقاش. تقول الرباط إن جمعيات تتخذ من أوروبا مقرا، تقود الاحتجاجات. يتباهى أنصار الحراك الشعبي الذين يرفضون "أي تدخل أجنبي"، بدون تحفظ بدعم الريفيين من قبل الشتات.
وتواجه الدولة صعوبات كما يبدو في تلبية المطالب وتعنت الحراك الشعبي. وقد أقيل والي إقليم الحسيمة في نهاية آذار، والزيارات الوزارية تتوالى، وأعيد إطلاق سيل من المشاريع.
وقال المسؤول المحلي نور الدين بكران "يجب المضي الى الامام" مؤكدا ان "الوضع عادي في المنطقة حيث تقوم المؤسسات بعملها وتستمع الى المواطنين".
وأضاف "هناك العديد من المشاريع جارية حاليا، ونبذل كل الجهود لاجتذاب المستثمرين. ستكون هناك أفكار مباشرة موجهة لصيادي الاسماك" معربا عن اعتقاده بان "المنطقة لها مستقبل واعد".
وقال أحد وجهاء المنطقة ان "السلطات تتحرك لكن ليس بشكل كاف. يجب تحقيق نتائج فورية لنزع فتيل النقمة، وتأمين عمل للناس". وأضاف "على المدى القصير، ليس هناك من حل آخر سوى الحوار" معبرا عن قلقه من محاولة الدولة "عزل هذه الحركة، وهو ما لن يؤدي سوى الى تأجيج حركة الاحتجاج".