وقائع هدنة الاسبوع في سوريا بين اسباب انهيارها وفرص اعادة احيائها
Read this story in Englishانهار مساء الاثنين اتفاق الهدنة في سوريا والذي وصف بانه "الفرصة الاخيرة" لحل نزاع دام مستمر منذ اكثر من خمس سنوات، مع تجدد القصف الجوي العنيف على جبهات القتال الرئيسية واستهداف قافلة مساعدات للامم المتحدة في حلب.
في ما يأتي محاولة للاجابة على ثلاثة اسئلة رئيسية حول مجريات الهدنة منذ سريانها قبل اسبوع ثم اسباب انهيارها واحتمال احيائها مستقبلا.
- لماذا فشلت الهدنة؟دخلت الهدنة في سوريا حيز التنفيذ مساء 12 ايلول بعد محادثات ماراتونية في جنيف بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
واعلن الجيش السوري مساء الاثنين وبعد اسبوع على سريانها انتهاء العمل بالهدنة، متهما الفصائل المقاتلة بارتكاب 300 خرق لوقف اطلاق النار.
وبعد اعلان الجيش السوري، قال كيري الاثنين "لم نحصل على سبعة ايام من الهدوء وتوزيع المساعدات الانسانية". وواجهت الهدنة في سوريا عوائق عدة منذ بدء تطبيقها.
وعلى رغم اعلان الجيش السوري في البداية التزامه بالهدنة لمدة اسبوع، لم تصدر الفصائل المقاتلة موقفا واضحا منها بل انتقدت غالبية بنودها، ورفضت استهداف جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) المستثناة من الهدنة الى جانب تنظيم الدولة الاسلامية.
وشكل استثناء جبهة فتح الشام عائقا امام تنفيذ الهدنة، على غرار ما حصل في اتفاق وقف اطلاق النار في شباط/فبراير الماضي، وذلك نتيجة تحالفها مع فصائل مقاتلة واسلامية في مناطق عدة ابرزها محافظة ادلب (شمال غرب).
وكان يفترض بحسب الاتفاق فصل الفصائل المعارضة عن جبهة فتح الشام.
لم تنشر وثيقة الاتفاق الروسي الاميركي، ولم يطلع مجلس الامن الدولي ولا الهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية، على الاتفاق كاملا.
وتحفظت واشنطن عن اطلاع الامم المتحدة على تفاصيل الاتفاق حرصا، على حد قولها، على سلامة بعض الفصائل المقاتلة المدعومة من قبلها.
وخلال اسبوع، تبادلت قوات النظام والفصائل المقاتلة الاتهامات بانتهاك الهدنة.
الا ان التصعيد الاكثر خطورة حصل يومي السبت والاحد اثر غارات للتحالف الدولي بقيادة واشنطن على مواقع للجيش السوري في شرق البلاد اسفرت عن مقتل عشرات الجنود السوريين، ولحقها في اليوم التالي تجدد القصف الجوي على الاحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب.
ووصف سفير روسيا لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين الغارات الجوية الاميركية بـ"نذير شؤم" للاتفاق.
وشكلت المساعدات ايضا بندا رئيسيا في الاتفاق الروسي الاميركي، لكن لم يتم ادخالها الا الى مناطق معدودة لم تشمل الاحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب.
وبعد ساعات على اعلان الجيش السوري انتهاء العمل بالهدنة، استهدفت غارات جوية قافلة مساعدات مشتركة بين الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر السوري في بلدة اورم الكبرى في ريف حلب الغربي.
-ماذا حصل في الاسبوع الاول؟بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ مساء 12 ايلول/سبتمبر، افاد مراسلو فرانس برس وناشطون في سوريا عن هدوء سيطر على جبهات القتال الرئيسية، حتى ان سكان مدينة حلب المقسمة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة امضوا خمسة ايام من دون قصف جوي ومدفعي لطالما اعتادوا عليه.
لكن المعارك تجددت في وقت لاحق خصوصا في محافظات حماة وحمص (وسط) واللاذقية (غرب) والغوطة الشرقية قرب دمشق.
ووثق المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 27 مدنيا خلال اسبوع من الهدنة في كافة المناطق المشمولة بها.
ولم يتم ادخال سوى ثلاث قافلات من المساعدات خلال الهدنة، الى مدينة معضمية الشام قرب دمشق والى مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، والى اورم الكبرى.
ويعيش، بحسب الأمم المتحدة، نحو 600 الف شخص في 19 منطقة محاصرة في سوريا.
وطيلة ايام الهدنة بقيت قافلة مساعدات عالقة في منطقة عازلة عند الحدود التركية السورية بانتظار منحها الضوء الاخضر للتوجه الى احياء حلب الشرقية.
-ماذا سيحصل بعدها؟تلتقي القوى الرئيسية المعنية بالنزاع السوري بينها الولايات المتحدة وروسيا في نيويورك الثلاثاء في محاولة لانقاذ عملية السلام، عشية اجتماع لمجلس الامن الدولي حول سوريا.
لكن بعد التصعيد الاخير، تضاءلت الامال بامكانية التوصل الى حل دائم.
ويقول الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية اميل حكيم لوكالة فرانس برس "المشكلة مع فشل اتفاقات وقف اطلاق النار والفشل الدبلوماسي هي الكلفة السياسية المترتبة على ذلك".
ويضيف "انهيار الهدنة يعني ان المسارين الاخرين المرتبطين بها (ادخال المساعدات والمحادثات السياسية) محكومان بالفشل".
وتوصلت روسيا والولايات المتحدة في شباط الماضي الى اتفاق لوقف اطلاق النار صمد لاسابيع قبل انهياره، ولم تستأنف محادثات السلام في جنيف اثر ذلك.
وبحسب حكيم "تضاءلت مصداقية الولايات المتحدة والامم المتحدة لدى الفصائل المقاتلة التي باتت مع يأسها ونقمتها وتطرفها اكثر استعدادا لان تضرب بعرض الحائط القانون الانساني الدولي او نداءات المجتمع الدولي للمحادثات ووقف التصعيد".
الا انه يرجح في الوقت ذاته ان يحاول وزير الخارجية الاميركية "الذي لا يكل" التوصل الى اتفاق جديد بغض النظر عن مؤشرات تصاعد العنف.