عيد ميلاد مثقل بالهموم في غزة
Read this story in Englishيحتفل مسيحيو قطاع غزة بعيد الميلاد هذا العام وسط اجواء من الحزن في ظل استمرار المواجهات مع الجيش الاسرائيلي وتناقص اعدادهم مع هجرة كثير من الشبان الى الخارج بسبب الحصار والانقسام.
ويحتفل الياس منى بعيد الميلاد هذه السنة من دون ابنائه الخمسة الذين غادروا غزة مؤخرا الى دول اوروبية مختلفة بقصد التعليم لكنهم فضلوا الاقامة فيها. ويقول منى عضو رعاية دير اللاتين في غزة "اولادي الخمسة غادروا للتعليم الجامعي ولم يرجعوا".
ويضيف "لو توفر عمل في غزة لبقوا بيننا"، مشيرا الى ان "الشبان المسيحيين مثل كل الشباب يذهبون للتعلم في الجامعات خارج البلد ويبحثون عن عمل في ظل الوضع الاقتصادي والمادي الصعب في القطاع ولا يرجعون الى غزة".
وبسبب هجرة شبان وبعض العائلات بات عدد مسيحيي القطاع الذي يسكنه نحو 1،9 مليون نسمة ثلثاهم من اللاجئين، ثلاثة الاف شخص تقريبا بعد ان كانوا ضعف هذا العدد قبل الانقسام الفلسطيني في صيف 2007. وهم يشكلون اقل من ستة بالمئة من مسيحيي الاراضي المحتلة البالغ عددهم نحو 52 الف شخص.
ويرى سعد (50 عاما) ان العديد من الشبان المسيحيين غادروا غزة الى الولايات المتحدة ودول اوروبية "ليس هروبا بل بسبب عدم احتمالهم الحياة الخانقة وانسداد الافق في وجههم وربما لتنامي التطرف".
ويضيف انهم "لا يذهبون الى دول عربية بسبب اجرام داعش" في اشارة الى تنظيم الدولة الاسلامية.
وشهد القطاع هجمات عدة في العامين الماضيين من بينها تفجيران استهدفا كنيسة "العائلة المقدسة" للاتين في حي الزيتون في قلب المدينة العتيقة شرق غزة ومبنى المركز الثقافي الفرنسي غرب المدينة، الى جانب صالونات لتصفيف الشعر والتجميل تبنتها جماعات سلفية متطرفة.
وتحارب حماس التي تسيطر على قطاع غزة بغزة هذه الجماعات، التي يقدر عدد عناصرها بالمئات.
وشارك في قداس الاحد في كنيسة اللاتين بطريرك القدس والاردن للاتين المونسنيور فؤاد طوال الذي وصل عبر معبر بيت حانون (ايريز). وقال في عظته ان العام الماضي حمل "اوجها سلبية كثيرة كان فيها عنف وتشرد وجوع وألم".
وبعد ان عبر عن سعادته لزيارته غزة، قال "ربنا يرحمنا ليتنا نرحم بعضنا البعض نتسامح مع بعضنا البعض بمحبة وتعاون مع الشعور مع المتألمين والمهجرين والذين بيوتهم تهدمت".
من جهته، اكد جورج انطوان وهو من سكان غزة "نحتفل بمولد السيد المسيح لكننا نتألم مع الذي يحصل هنا في فلسطين ونصلي ان يحل السلام وننال تحريرنا وتنتهي المشاكل ونعيش كباقي شعوب الارض وهذا حقنا".
وبين انطون انه بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة والانقسام "نرى هجرة في صفوف الشباب". وتابع "نحن جزء لا يتجزأ من الشعب نعاني ما يعانيه الشعب نتألم آلام الشعب (...) نريد ان نكافح ونصبر ونثبت جذورنا في هذا الوطن".
- مسلمون يشاركون -
وتوافد عشرات المسلمين الى الكنيسة لمشاركة المسيحيين كعادتهم في كل عام في احتفالات اعياد الميلاد التي تقتصر على الطقوس الدينية.
وفي هذا الاطار والاثنين زار كنيسة العائلة المقدسة وفد من حركة حماس ضم القياديين الشيخ حسن الجوجو رئيس القضاء الشرعي في القطاع وباسم نعيم عضو القيادة السياسية للحركة، الذي اكد ان هذه الزيارة "تأتي في اطار تعزيز العلاقات الوطنية وتهانينا في العيد".
ووضع وسط ساحة الكنيسة صليب خشبي كبير وعلى جانبيه شمعتان كبيرتان مثبت عليه تمثال يرمز للسيد المسيح.
وقال طوال "عيد ميلاد سيدنا المسيح هذا العام يتزامن مع عيد المولد النبوي الكريم فتهانينا يجب ان تكون مضاعفة واملنا مضاعف بوحدتنا ،هذا عام الرحمة".
وجبرائيل رومانيلي (50 عاما) جاء من الارجنتين للتطوع في كنائس الارض المقدسة وشارك في قداس الاحد في غزة.
ولفت رومانيلي الى هجرة بعض الشباب المسيحي، مشددا على ان "الامر معقد جدا لان عدد المسيحيين هنا قليل وهذا يؤثر على حضورهم لذا نعمل بكل جهد على ان تبقى المدارس والكنائس مفتوحة حتى يشعر كل مسيحي ومسلم هنا بالانتماء للارض ولفلسطين".
- مسيحيون ممنوعون من التوجه الى بيت لحم -
منحت اسرائيل اذونات لحوالى 600 مسيحي فقط للتوجه الى بيت لحم وفق وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية.
لكن كثيرين آخرين لم يتمكنوا من الحصول على هذه الاذونات للمشاركة في طقوس اعياد الميلاد في بيت لحم.
ويقول ابراهيم (20 عاما) وهو من سكان حي الرمال الراقي غرب مدينة غزة "لم نحصل على تصريح (اذن) من الجانب الاسرائيلي لممارسة حقنا الديني لذلك الفرحة ممزوجة بالحزن". ويضيف "كيف سنفرح ونحن نرى اخواننا يقتلون ويعتقلون على ايدي القوات الاسرائيلية في غزة والضفة الغربية؟".
ويقول الشاب انه "اذا توفرت لي فرصة للخروج من غزة للعيش والعمل في دولة اوروبية لن اتردد، نحتاج ان يعم السلام على الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي".
ويؤكد جورج ان العديد من الشباب المسيحيين في غزة هاجروا الى الضفة الغربية او الخارج "بسبب الاوضاع المعيشية الخانقة مثلما فعل كثير من الشباب الغزي".
واعتبر الياس منى وهو الرئيس السابق لاتحاد الكنائس في القطاع ان للعيد هذا العام "طعم مختلف عن الاعوام السابقة، عيد مثقل بالهموم والمصاعب رغم اننا لن نفقد الامل في حياة افضل ونتوق للحرية والوحدة".