اتفاق الرياض يدخل الفصائل السورية المسلحة في مسار الحل السياسي
Read this story in Englishيدخل اتفاق الرياض بين اطياف المعارضة السورية الفصائل المسلحة في مسار الحل السياسي الذي تدفع باتجاهه دول كبرى، لا سيما مع ادراك هذه الفصائل ان اسقاط النظام المدعوم من حلفاء بارزين، غير قابل للتحقق عسكريا من دون دعم خارجي.
ويشترط الاتفاق الذي تم التوصل اليه اثر مؤتمر ليومين شاركت فيه قرابة مئة شخصية سياسية وممثلة لفصائل عسكرية، رحيل الرئيس السوري بشار الاسد مع "بدء المرحلة الانتقالية". ورغم ذلك، يرى مشاركون في المؤتمر ومحللون انه شهد تقديم تنازلات ملفتة من الفصائل.
ويقول محمد بيرقدار، العضو في المكتب السياسي لـ"جيش الاسلام"، ابرز فصيل مقاتل ضد النظام في ريف دمشق، لصحافيين احدهم من وكالة فرانس برس "حصل تقديم تنازلات بالذات من قبل الفصائل، وبعض القوى الاخرى في المعارضة بشكل عام، وكانت الغاية هي (...) مصلحة البلد قبل مصلحة الفصيل او الكتلة السياسية".
ويضيف "الفصائل تشكلت لحماية المدنيين. جيش الاسلام حمل السلاح لحقن دماء الشعب السوري الذي يباد، وبالتالي اي حل يتم فيه حقن الدماء فنحن جاهزون. (...) ما حملنا السلاح حبا بالدم اكيد، حملنا السلاح لحقن الدم".
وادى النزاع السوري منذ العام 2011 الى مقتل اكثر من 250 الف شخص وتهجير ملايين آخرين.
وخلال الاعوام الماضية، فشلت محاولات التوصل الى تسوية سياسية للنزاع الذي بدأ باحتجاجات سلمية مطالبة برحيل النظام برئاسة بشار الاسد، قمعت بقوة وتطورت الى ازمة متشعبة ومتعددة الجبهات مع مداخلات اقليمية ودولية.
- حل "عادل" -وجاء اجتماع الرياض بعد اتفاق دول كبرى معنية بالملف السوري الشهر الماضي في فيينا على خطوات لانهاء النزاع، تشمل تشكيل حكومة انتقالية واجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج. كما نص الاتفاق على السعي الى عقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين بحلول كانون الثاني.
ويرى سفير الائتلاف الوطني المعارض لدى باريس منذر ماخوس ان الفصائل قبلت "بالتعامل المرن والتفاوض وصياغة مواقف سياسية مرنة".
ويوضح بيرقدار ان الدفع الدولي المتعدد الطرف للحل لم يترك مجالا لخيارات اخرى.
ويقول "لا يمكنك كفصيل ان تتحدى رغبة المجتمع الدولي بشكل عام (...) من الواضح اليوم ان ثمة رغبة في الحل السياسي"، وان اسقاط النظام عسكريا "غير مطروح دوليا".
ويضيف "ذكرنا في الاجتماعات انه في حال عدم تجاوب النظام مع المبدأ الاساسي في المفاوضات (رحيل الاسد)، فهذه الدول (التي اجتمعت في فيينا) التي هي الضامن، يجب ان تدعمنا بالسلاح".
ولم يصدر موقف رسمي سوري بعد تعليقا على اجتماع الرياض. الا ان الرئيس السوري اكد في مقابلة نشرت اليوم رفضه التفاوض مع أي من "المجموعات المسلحة".
وقال في حديث مع وكالة الانباء الاسبانية نشرتها وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا"، وأجريت على الارجح قبل اعلان الرياض، "نرى أن بعض البلدان بما فيها السعودية والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية تريد من المجموعات الإرهابية أن تنضم إلى طاولة المفاوضات. تريد هذه الدول من الحكومة السورية ان تتفاوض مع الإرهابيين وهو أمر لا أعتقد ان أحدا يمكن أن يقبله في أي بلد من البلدان".
وتابع "بالنسبة لنا في سوريا كل من يحمل السلاح إرهابي".
ويرى مدير الابحاث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية كريم بيطار ان التوصل الى الاتفاق تم نتيجة "ضغط سعودي مكثف (...)، لكن يجب الانتظار لرؤية اذا ما كانت المخاوف والهواجس ستعاود الظهور سريعا".
ودفعت المملكة بقوة من اجل إنجاح المؤتمر. وزار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير المشاركين الاربعاء، كما تردد انه زارهم الخميس قبيل اعلان التوصل الى اتفاق الذي تلاه استقبال العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز المشاركين في المؤتمر. كما حضر في اروقة فندق "انتركونتيننتال" دبلوماسيون غربيون من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرهم، من دون ان يشاركوا في الجلسات. وتحدثت مصادر عن تواجد دبلوماسي روسي الثلاثاء.
- ترقب -واتى اتفاق المعارضة السورية عشية لقاء يعقد الجمعة في جنيف بين روسيا والولايات المتحدة والامم المتحدة وقبل ايام من اجتماع لمجموعة فيينا في نيويورك في 18 كانون الاول.
لكن الولايات المتحدة رأت الجمعة ان بعض النقاط لا تزال عالقة في اتفاق المعارضة، من دون ان توضح ماهيتها.
وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري انه سيبحث مع نظيره السعودي في معالجة النقاط العالقة في الاتفاق، مضيفا ان "بعض المسائل وتحديدا نقطتين في رأينا بحاجة الى معالجة".
ولا يشكل اتفاق المعارضة ضمانة لنجاح المفاوضات، لا سيما بعد تجارب سابقة في سويسرا نهاية 2013 ومطلع 2014، فشلت في تحقيق اي تقدم.
ويقول الاستاذ المحاضر في جامعة ادنبره توما بييريه ان "بيان الرياض لا يزال يريد ان يرحل الاسد، وهذا طبعا غير مقبول بالنسبة الى النظام".
ويعتبر لؤي حسين، رئيس "تيار بناء الدولة" وهو جزء من معارضة الداخل، ان بيان الرياض هو "بداية العملية السياسية التي تم الاتفاق عليها في فيينا".
ويضيف ان الفصائل "قبلت ان تدخل في عملية سياسية"، لكن "دخول المفاوضات مثل دخول الحرب، تعرف ان تبدأها لكن قد لا تنهيها كما تشاء".