تهديدات روسيا النووية تطرح مخاطر حقيقة ورغبة باظهار القوة

Read this story in English W460

كلما تصاعد التوتر يلوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتهديد النووي في استراتيجية مدروسة لردع الغرب مع التمويه على تأخر روسيا في المجال العسكري، وان كانت تنطوي على مخاطر تذكر بسنوات الحرب الباردة.

عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، قال بوتين انه مستعد لاخراج السلاح النووي، وبعد ايام على تقرير لصحيفة نيويورك تايمز نشر السبت الماضي عن مشروع اميركي لارسال معدات عسكرية وخصوصا دبابات الى شرق اوروبا، ردت روسيا بالاعلان عن مخطط لتزويد قواتها بـ40 صاروخا جديدا عابرا للقارات بحلول نهاية العام. وطالما تعهد الرئيس الروسي بوضع صواريخ من طراز "اسكندر" قصيرة المدى في كالينينغراد على ابواب الاتحاد الاوروبي.

يقول قدري ليك الخبير لدى معهد المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية في بريطانيا، ان "الامر خطير للغاية. هناك تقييم خاطئ لنوايا الطرف الثاني، واعتقد ان ذلك ينطبق على الجهتين وخاصة روسيا. هناك خطر حقيقي ان ترد روسيا على اعتداء موجود فقط في مخيلتها. والرد سيحصل في العالم الحقيقي".

رد الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ على التهديدات الروسية، ووصفها بـ"الخطيرة وغير المبررة". اما وزير الخارجية الاميركية جون كيري فقال ان "ليس هناك من يريد عودة الحرب الباردة". وحذرت برلين بدورها من "تصعيد في التصريحات ثم في الافعال".

وفعليا لا تأتي مواقف بوتين حول التصعيد العسكري باي جديد، فمنذ 15 عاما تعمل روسيا على تطوير قدراتها النووية من دون ان تنتهك معاهدة "ستارت" حول تخفيض كمية الاسلحة الاستراتيجية.

وحصلت روسيا على 38 صاروخا باليستيا عابرا للقارات في العام 2014، وتريد شراء 40 صاروخا العام الحالي، مقابل سحب 72 صاروخا قديما، ما يعني انها تتبع سياسة تخفيض ترسانتها البرية المتمثلة بحوالى 300 صاروخ، وفق ما يشرح ايغور سوتياغن، الخبير العسكري حول روسيا في معهد "روسي" البريطاني المتخصص في دراسات الامن والدفاع، ومقره لندن. 

في العام 2014 كان الجيش الروسي يمتلك 528 سلاحا نوويا تنتشر على منصات برية او غواصات او مقاتلات جوية مقابل 795 للولايات المتحدة، وفق المعلومات التي تم تبادلها في اطار اتفاق "ستارت" في العام 2010. وبالنتيجة فان تلك الكميات اقل من تلك المحددة وفق الاتفاق الذي ينص على تخفيض الى حدود 700 سلاح نووي بحلول 2018.

ووفق الخبير العسكري فان روسيا من خلال فوضى تصريحاتها تطمح لتخويف الغرب وتقسيمه وردعه عن اللجوء الى القوة في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الطرفين. ويشرح ايغور سوتياغن ان "الوسائل الوحيدة التي تملكها روسيا هي الوسائل العسكرية، وفي هذه الحالة ايضا ليس هناك سوى وحدات السبيتسناز (القوات الخاصة) والسلاح النووي. ولكن لا يمكن تهديد العالم بوحدات السبيتسناز، وبالتالي لا يبقى سوى السلاح النووي".

وتعتمد روسيا ايضا على كونها القوة العظمى الوحيدة مع الولايات المتحدة لاخفاء ضعف اسلحتها التقليدية.

ويقول سوتياغن اذا كانت الرسالة الروسية هي "لدينا سلاح نووي، لا تنسوا ذلك" فان التهديد وحده باستخدامه يعكس خطورة.

وما يضاعف من المخاطر هو تواجد المقاتلات الروسية والغواصات الحاملة لرؤوس نووية بالقرب من سواحل دول اعضاء في الحلف الاطلسي وحتى في البحر الاسود اي انها في تماس مع الطرف "المعادي".

وفي هذا الصدد، يقول جيفري مانكوف، الخبير في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في وشنطن، ان "لا احد يريد ان يحصل ذلك، الطرفان يعلمان ما قد تؤدي اليه اي مواجهة عسكرية، كلاهما يمتلك السلاح النووي، وبالتالي فان النتائج ستكون كارثية على العالم كله".

وعبر تهديداته المكررة، فان فلاديمير بوتين يمنح مبررا لمن يدعون في الولايات المتحدة الى تطوير الترسانة النووية، ما يثير الخشية من عودة السباق على التسلح.

وبحسب كاميل غران، مدير مؤسسة الابحاث الاستراتيجية في باريس، فان بوتين "يعطي ذرائع لهؤلاء في الولايات المتحدة الذين يدعون الى تطوير سريع وطموح اكثر للترسانة الاميركية".

وفيما يبقى التهديد العابر للقارات غير مرجح، فان الخبراء يتخوفون من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى (اقل من 5500 كلم). ويُعتقد ان موسكو اجرت تجربة لصاروخ كروز الموجه في انتهاك لاتفاقية الاسلحة النووية المتوسطة المدى والتي تعود للعام 1987 وتمنع الاسلحة النووية المتوسطة المدى في اوروبا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات 0