الاكتظاظ يضطر سكان مخيمات الضفة الغربية للبناء عاموديا رغم المخاطر
Read this story in Englishيراقب نائل شريف عملية بناء الطابق الرابع في منزله في مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، املا بان يصبح ملائما لعدد افراد العائلة المكونة من 43 فردا.
تدفع الكثافة السكانية في معظم مخيمات اللاجئين في الاراضي الفلسطينية المحتلة والتي تزايدت بمرور السنين ضمن مساحة ضيقة محدودة السكان الى البناء بشكل عامودي بما يخالف تعليمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الانروا)، الامر الذي يهدد متانة هذه الابنية مع استمرار تعثر حل قضية اللاجئين.
ويقول نائل الاربعيني ان المنزل الذي كان مكونا من طابقين لم يعد يتسع لافراد عائلته واشقائه الخمسة، وهو ما دفعه لبناء طبقتين اضافيتين مع علمه المسبق بان هذا الامر مخالف لقوانين الانروا التي تتولى الإشراف على المخيم الذي يشهد البناء بشكل عامودي وبشكل فوضوي بعيد عن اي اشراف هندسي.
ويضيف نائل "نعاني مشكلة كبيرة في السكن، فنحن ننام فوق بعضنا البعض، انا مثلا خصصت غرفة لابنائي الستة، وغرفة لي ولزوجتي ولاثنين اخرين من الاولاد".
ويقول " لذلك قررت انا واشقائي بناء طبقتين اضافيتين، لاننا لا نستطيع شراء ارض جديدة خارج المخيم والبناء عليها".
ويتذكر نائل احاديث جده وجدته عن الايام الاولى للسكن في المخيم في العام 1950، حينما وصل والده وامه الى المخيم مع عائلتهم المكونة من 11 فردا، منهم ستة ذكور، واصبحوا الان بعد 65 عاما 43 فردا.
يقع مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية بالقرب من مستوطنة بيت ايل، حيث تقع مواجهات شبه يومية بين شبان المخيم والجيش الاسرائيلي الذي يحرس المخيم.
وعلى بعد امتار على الجهة المقابلة من منزل نائل شريف، يتنشر اولاد وبنات من مختلف الاعمار امام منزل خديجة داود ( 60 عاما) التي حولت كراج المنزل الى غرفة معيشة بجانب الطريق، بسبب العدد الهائل للاولاد.
بات منزل خديجة المكون من ثلاث طبقات يضيق بابنائها واحفادها الذين يعدون 63 فردا. حتى ان ابنها محمد البالغ من العمر 23 عاما ينام في غرفة الضيوف وهو يعاني من اصابته بعيار ناري في القدم خلال مواجهات مع الجيش الاسرائيلي.
تقول خديجة "مشكلة السكن مشكلة كبيرة. لا نستطيع شراء ارض خارج المخيم للبناء عليها، لانه ليس لدينا المال".
وتضيق شوارع المخيم بالابنية المنتشرة على جنباته، في حين تحذر اللجنة الشعبية المشرفة على المخيم من خطر محدق يهدد حياة السكان، وتبدي وكالة الغوث " قلقها" ازاء هذا الامر كونه يتكرر في غالبية مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية التي تحولت "بمرور الوقت الى تجمعات هي الاكثر اكتظاظا في العالم، ولكن ولان المساكن بنيت للاستخدام المؤقت، فقد اصبحت على مدى عقود شديدة الاكتظاظ وغير متماشية مع المعايير وفي كثير من الاحياء مهددة للحياة" كما تكتب الوكالة على موقعها الالكتروني.
بني المخيم في 1949 على حوالي 260 دونما لايواء 2500 شخص. لكن عدد السكان بات اليوم 14 الفا، حسب اللجنة الشعبية المشرفة على متابعة الامور الحياتية في مخيم الجلزون.
ويقول رئيس اللجنة الشعبية في المخيم محمود مبارك، وهي لجنة تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ان توجه سكان المخيم للبناء العامودي وبشكل مخالف للقوانين، سببه الفقر المدقع الذي يعيشونه، "ليست لديهم خيارات اخرى".
ويقول مبارك لوكالة فرانس برس " الوكالة بنت لدى انشاء المخيم في 1950 غرفة ومطبخا للعائلة التي تتكون من اقل من خمسة افراد، وغرفتين ومطبخا للعائلة التي يزيد عدد افرادها عن خمسة".
ويضيف ان "الزيادة السكانية مشكلة عويصة جدا، وعملية البناء تتم على اساس غير سليم وبامكانيات بسيطة لان الناس مضطرة لذلك وتريد ان تعيش، ولا يوجد امامها الا البناء العامودي".
ويؤكد مبارك ان "الغالبية العظمى من ابناء المخيم يعيشون في اكثر من طبقتين، ومنهم بنى اربع أو خمس طبقات".
ويتهم مبارك وكالة الغوث بانها "لا تتفهم المشكلة، ولا تسمح ببناء طابق لثالث. تفاوضنا معهم اكثر من مرة وقلنا لهم ان الناس مضطرة لذلك".
وتشعر اللجنة الشعبية في المخيم بخطر محدق يهدد حياة الناس اذا استمرت عملية البناء بهذه الطريقة، لان "الابنية مهددة بالانهيار على رؤوس ساكنيها في اي لحظة".
ويقول مبارك "اكيد استمرار الوضع على ما هو عليه يشكل خطرا على سكان المخيم، لان عملية البناء تتم بشكل غير سليم ولا تجري تحت اشراف هندسي، اضافة الى ان اساس البناء غير سليم".
وتعتبر وكالة الغوث ان اي بيت يزيد عن طابقين غير قانوني ولا يدخل اي خطة ترميم، او متابعة هندسية.
ويقول مبارك "اذا لم يكن هناك حلول فالامور ستتفاقم، والخوف من المستقبل، لانه اذا استمر البناء العامودي، فالى اين يمكن أن تصل الناس؟"
غير ان وكالة الغوث تؤكد قلقها على عملية البناء التي تجري في المخيمات، وانها مهتمة بما يجري. ويقول نادر داغر مدير المعلومات العامة في وكالة الغوث في الضفة الغربية "نحن قلقون من الاكتظاظ السكاني في المخيمات، ونعتبرها جزءا من مشكلة كبيرة يعاني منها اللاجئون (...) انهم يعانون من مشاكل اجتماعية واقتصادية بسبب الاكتظاظ".
ويقول داغر "هذه المخيمات بدأت بخيام على ارض تم استئجارها من الحكومة الاردنية وهي محدودة. غالبية المخيمات بنيت على اقل من نصف كيلومتر مربع، وهذا غير ملائم للزيادة الطبيعية لعدد السكان".
يوجد في الضفة الغربية 18 مخيما بالاضافة الى مخيم شعفاط في القدس الشرقية المحتلة. ويعيش في المخيمات 220 الف شخص وفق الانروا.
ويضيف "نحن حقيقة قلقون من الامن والامان لسكان هذه المخيمات، خاصة وان بعض اللاجئين بنوا بيوتهم فوق الشوارع، ونحن نشجع على تخطيط ذلك مع الممثلين المحليين في المخيمات".
ويختم داغر بالقول "ان حل معاناة اللاجئين تتمثل في حل دائم وشامل لقضيتهم وليس عبر حل جزئي هنا او هناك".