السنيورة يعلن أن اعتقال الضباط الأربعة كان "قرارا سياديا": الحريري أبلغني بأكثر من محاولة لاغتياله من حزب الله

كشف رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة في اليوم الثاني من شهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الثلاثاء، أن رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري أبلغه بـ"أكثر من محاولة من حزب الله" لاغتياله، مشيرا من جهة أخرى إلى أن قرار اعتقال الضباط الأربعة كان "قضائيا ونقطة على السطر" ولم يبحث مع أي سفير أجنبي.

مطلع العام 2004 توجه الحريري إلى السنيورة خلال اجتماع قائلا "بتعرف يا فؤاد صرنا مكتشفين كذا محاولة لاغتيالي من حزب الله" على حد قول الأخير.

آنذاك، لم يعقّب الحريري على الموضوع ولم يسأله السنيورة شيئاً و"ساد بعدها صمت ثقيل" وفقاً لشهادة رئيس كتلة المستقبل.

وأضاف السنيورة "الحريري كان يعتمد على أن البعض سيكون متنبها لعواقب اغتياله ولا يقدم على مثل هذا الأمر".

وتابع "في لقائي الاخير مع الرئيس الحريري ليل السبت 12 شباط 2005 كان متجهما وممتعضا جدا مما تعرضت له جمعية بيروت للتنمية من القضية التي اثيرت حول توزيع الزيت".

بعد وقوع الانفجار في 14 شباط 2005 "وتوالي المعلومات عن الرئيس الحريري أصبت بإغماء في مكتبي القريب من المكان" يقول السنيورة الذي أردف "في الايام الاولى للجريمة اكتشفنا عبثاً في موقعها مما اثار شكوكنا".

طلب إنشاء المحكمة … لبناني بحت

في وقتٍ لاحق، تحدّث السنيورة عن كيفية انشاء المحكمة الدولية وفعاليتها قائلاً: "لو لم تنشأ المحكمة الدولية لكان سيل الاغتيالات التي شهدها لبنان قد استمر".

وإذ شدد على أن "طلب انشائها اتخذ في اجتماع قريطم بعد الجريمة ودون تدخل من احد"، كشف عن "محاولات لاستبدال المحكمة الدولية باخرى عربية لكن المحاولات ولدت ميتة".

ولفت رئيس "المستقبل" إلى أن الرئيس الأسبق إميل لحود "كان يتهرب من عقد جلسة لمجلس الوزراء ليمنع التصويت على انشاء" المحكمة التي كان يؤيدها "الغالبية الساحقة من اللبنانيين"، بهدف "كشف الحقيقة وللحد من استمرار الاغتيالات بالرغم من محاولة البعض تشويه دورها وتلطيخها".

وردا على سؤال من جهة الدفاع أجاب السنيورة "اغتيال الحريري والتظاهرة لإنشاء المحكمة الدولية تتعلق بانتظام العمل الديموقراطي والحريات في لبنان". وتابع "عملنا من أجل تأسيس المحكمة الدولية بشكل علني وطالب 70 نائبا بها لكن جلسات مجلس النواب عُطّلت باسم الديمقراطية".

وقال السنيورة "لم أقل يوما أنني أردت الإستعانة بالأميركيين من أجل التخلص من السوريين. أنا عملت من أجل المحكمة وكان لي اتصالات مع كل الدول المؤثرة في العالم لإنشائها وتعزيز النظام الديمقراطي والحريات في لبنان (..) لم يكن الغرض من المحكمة تحقيق الإنسحاب السوري من لبنان بتاتا".

قرار إعتقال الضباط الأربعة "سيادي"

تطرق السنيورة في شهادته إلى اعتقال الضباط الأربعة من العام 2005 حتى العام 2009 وهم مدير عام الأمن العام الأسبق اللواء جميل السيد، مدير عام قوى الأمن الداخلي الأسبق علي الحاج، مدير مخابرات الجيش الأسبق ريمون عازار وقائد الحرس الجمهوري الأسبق مصطفى حمدان. وهؤلاء كانوا في مناصبهم حين حصلت الجريمة.

في هذا الإطار وردا على أسئلة الدفاع قال السنيورة "جرى اعتقال الجنرالات الأربعة برأي من لجنة التحقيق" الدولية، جازما ان قرار الاعتقال "اتّخذ بقبول الحكومة لطلب المحقق الدولي ولم يكن هناك أي اتصال مع أي أحد من الدبلوماسيين لتنفيذه".

وأردف "كرئيس للسلطة التنفيذية أخبرت بقرار الإعتقال الذي اتخذ من المرجع القانوني المختص وأبلغت اللبنانيين بما حصل"، مشيرا إلى أنه "كرئيس حكومة لا أستطيع أن أتدخل في قرار الإعتقال".

ردا على سؤال حول مناقشة القرار مع السفير الأميركي آنذاك جيفري فيلتمان أجاب السنيورة بحزم "أنا لا أتحدث مع السفراء بأي شكل من الأشكال لمعرفة رأيهم بأي قرار فهذا موقف سيادي أما على سبيل الإخبار فيمكن التداول به مع أي سفير (..) قرار اعتقال الضباط قرار قضائي ونقطة على السطر".

إلى ذلك اعتبر أنه "يوم تم الإعتقال كان قرارا قضائيا ولم يكن هناك من تداول حول شهادات الزور"، التي هي "زور" كما قال.

من جهة أخرى كشف السنيورة أن "إعطاء بيانات حركة الإتصالات للجنة التحقيق الدولية هي ضمن القانون اللبناني وهذا قرار اتخذه الوزير (مروان) حمادة بمعرفة المجلس في حكومتي الأولى".

وقال "إعطاء حركة المعلومات فبتّ فيه المجلس (الوزراء) في حكومتي الأولى بأنه قانوني وبتت فيه لجنة معينة في حكومتي الثانية أنه قانوني مع اعتراض وزير واحد". وأوضح أن "القانون اللبناني يمنع فقط إعطاء معطيات الإتصالات وليس حركة الإتصالات".

"الله يسترنا بس نرجع عبيروت"

في شهادة السنيورة كان حديث عن بدايات مرحلة حكم الحريري فقال "أسهم الوجود السوري في التوصل إلى تحقيق السلم الداخلي في لبنان خلال تلك الفترة لكن لم يأت الرئيس الحريري إلى تسلم المسؤولية في لبنان إلا من خلال عملية ديمقراطية كاملة".

وتابع "كانت الظروف آنذاك صعبة جدا اقتصاديا ووطنيا تحتم وصول شخصية فذة كالرئيس الحريري ودعم السوريين للحريري كان لإنسان حظي بدعم مطلق من اللبنانيين ومن غالبية النواب المنتخبين".

وبعد إلحاح من الدفاع لفت السنيورة إلى أنه "كان بإمكان السوريين أن يقولوا "لا" ولكن كان بيدهم كرة ملتهبة فوجدوا أن الإستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا بوصول الحريري".

وأردف "كان بإمكان السوريين أن يمنعوا وصولي أو وصول الحريري إلى السلطة وهذا الأمر كان على لبنان بأكمله".

إلى ذلك جزم قائلا "لا أعلم لا من قريب ولا من بعيد ولا بأي شكل من الأشكال ولم يجر أي حديث بحضوري لدفع أموال لغازي كنعان" المسؤول السوري النافذ في لبنان آنذاك.

هذا وكشف السنيورة أن "الأقرب إلى الحريري من النظام السوري كان السيد عبد الحليم خدام واللواء حكمت الشهابي (..) وكان للرئيس بشار الأسد قبل سنتين من وفاة والده تأثير أكبر في مجريات العمل السياسي وبالتحديد في لبنان".

في هذا الصدد، شدد السنيورة على ان الحريري لطالما كان يصطحب معه طاقماً صحافياً في كل زيارة يقوم بها إلى الخارج، الا انه اثناء زياراته الى سوريا التي كانت تتسم بطابع الصداقة وتوطيد العلاقات بين البلدين، كان الحريري يذهب وحيداً.

واشار الى ان بعض الاشخاص كانوا يتهمون الحريري بالتخوين ويعملون على تخريب العلاقات بين البلدين، ما كان يدفع بالحريري الى ترداد القول: "الله يسترنا بس نرجع عبيروت".

"من عارض سوليدير لم يعط فكرة بديلة"

أيضا وردا على أسئلة محامي الدفاع عن المتهم حسين عنيسي المحامي فيليب لاروشال تابع السنيورة "شركة سوليدير تأسست في عام 1994. هذه المنطقة من بيروت كانت منطقة حرب وغير مطروقة من اللبنانيين واقتراح الحريري جرى إقراره في مجلس النواب وهو بأن يصبح جميع أصحاب الحقوق في وسط بيروت شركاء في شركة "سوليدير".

وإذ سرح أنه "لم تكن هناك أي وسيلة أخرى بديلة من أجل إزالة هذه المنطقة التي تمنع توحيد بيروت الشرقية وبيروت الغربية"، شدد على أن الشركة لم تهدف إلى "طرد الناس من أملاكهم بل تحويل الملكية العقارية إلى ملكية أسهم".

إلا أنه لم يخفِ وجود "معارضة" للشركة "من بعض أصحاب الحقوق وأشخاص آخرين من غير أصحاب الحقوق".

وختم في هذا الصدد "حتى الآن كل من عارض فكرة "سوليدير" لم يعط فكرة بديلة عنها".

بين الحريري ونصرالله.. إحترام

السنيورة قال "سمعت من الرئيس الحريري أنه التقى (أمين عام حزب الله) السيد (حسن) نصرالله أكثر من مرة". وردا على سؤال أضاف "لا أستطيع الإجابة عن موقف أي دولة إذا كانت راضية أو غير راضية عن هذه اللقاءات. كما أظن أنا لا أحد يسأله عن الأمر".

وشرح أن "اللقاءات بين الحريري ونصرالله كان فيها صراحة واحترام متبادل وأكثر من ذلك لا أعلم".

أمير دبي وكلينتون وأولبرايت

أثناء الإستماع إلى السنيورة صباحا عرضت المحكمة مقتطفات من شريط يعود الى مؤتمر عقد في دولة الامارات العربية المتحدة في 13 كانون الاول 2004، وعلّق الأخير ان الحريري كانت تربطه علاقة وثيقة بأمير دبي.

اما عن اجتماع الحريري ثلاث مرات مع رئيس الولايات المتحدة الاميركية الأسبق بيل كلينتون، فأكد السنيورة ان "شخصية الحريري تتسم بفكر منفتح وطريقة نفاذة وكاريزماتيكية، يستطيع من خلالها اجتذاب الدبلوماسيين".

الى ذلك، عرضت المحكمة شريطاً آخر يظهر لقاء الحريري ووزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدة مادلين اولبرايت.

يُذكر أن المحاكمات في قضية المتهمين بمقتل الحريري افتتحت في 16 كانون الثاني الفائت، وأدلى حتى اليوم، 36 شاهداً بإفاداتهم أمام المحكمة وقبلت 461 بينة بوصفها أدلة.

وفي 11 شباط الفائت، أصدرت غرفة الدرجة الأولى قراراً بضمّ قضية المتهم الخامس حسن حبيب مرعي إلى قضية المتهمين الأربع.

م.س/ك.ك.