تونس تكافح لايجاد استراتيجية في "حربها على الارهاب"

Read this story in English W460

يردد المسؤولون التونسيون باستمرار ان بلادهم "في حرب ضد الارهاب"، لكن وكما أظهره الهجوم الدامي الاربعاء على متحف مدينة باردو وسط العاصمة فإن تونس تكافح لايجاد استراتيجية لدرء خطر مجموعات جهادية برزت فجأة بعد الاطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وأسفر الهجوم الذي تبناه الخميس تنظيم الدولة الاسلامية، عن مقتل 20 سائحا غربيا، ورجل امن تونسي واصابة 47 آخرين بينهم 9 تونسيين والبقية سياح، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة الخميس.

ويقع متحف باردو بجانب مقر البرلمان التونسي الذي يحظى بحراسة مشددة من قوات الامن والجيش.

وبعد الهجوم على متحف باردو، شدد تونسيون على ضرورة الاسراع بوضع استراتيجية واضحة لمحاربة الارهاب، سيما وانها المرة الاولى التي يتم فيها استهداف اجانب في البلاد منذ الاطاحة بنظام بن علي.

ومع العمل على وضع استراتيجية لمحاربة الارهاب، اكد الرئيس التونسي في مقابلة مع قناة التلفزيون الفرنسية الاولى في المساء ان "عملية ارساء الديموقراطية راسخة في تونس (...) ولن تكون هناك عودة الى الوراء".

وقالت يومية "لوكوتيديان" الناطقة بالفرنسية الخميس إنه "لم يعد مسموحا تضليل النفس او تضليل الرأي العام" مذكرة بـ"آلاف الارهابيين (التونسيين) النشطين في تونس وليبيا وسوريا والعراق والذين تم تكوينهم أو انتدابهم في بلادنا".  

ويقاتل في سوريا والعراق وليبيا ما بين ألفين وثلاثة آلاف تونسي بحسب ارقام اعلنتها سابقا وزارة الداخلية التونسية التي قالت انهم يمثلون أحد أكبر التهديدات لأمن البلاد في حال عودتهم اليها.

ومؤخرا أعلنت الوزارة وضع 500 تونسي كانوا يقاتلون مع داعش وعادوا الى تونس تحت المراقبة الامنية.

وتؤرق الفوضى الكبيرة وانتشار السلاح في ليبيا المجاورة اجهزة الامن التونسية.

ومنذ نهاية 2012 يتعقب الامن والجيش "كتيبة عقبة بن نافع" المتحصنة بجبل الشعانبي (اعلى قمة في تونس) على الحدود مع الجزائر، والمسؤولة بحسب السلطات عن هجمات أسفرت عن مقتل عشرات من عناصر الامن والجيش.

وكما بعد كل هجوم، يسارع كثيرون من التونسيين الى توجيه اصابع الاتهام الى حركة النهضة الاسلامية التي قادت حكومة "الترويكا" التي حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014.

واستقالت هذه الحكومة لاخراج تونس من ازمة سياسية حادة اندلعت في 2013 إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية.

وخلال الفترة التي قضتها الترويكا في الحكم، واجهت حركة النهضة اتهامات بالتراخي في التعامل مع عنف التيار الجهادي.

ومساء الاربعاء، ردد متظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس، شعارات طالبوا فيها بمحاكمة علي العريض (الامين العام الحالي لحركة النهضة) رئيس حكومة الترويكا الثانية، ووزير الداخلية في حكومة الترويكا الاولى.

وقالت يومية "لابريس" الناطقة بالفرنسية "كلما اُرتُكِب هجوم يصعب علينا إعفاء الترويكا من مسؤولياتها. قادتها كانوا، على الاقل، متراخين (..) ولم يقدّروا حجم التهديد".

وتنفي النهضة باستمرار هذه الاتهامات، وتقول ان حكومة الترويكا هي التي صنفت في آب 2013 جماعة "انصار الشريعة بتونس" تنظيما ارهابيا. 

وطالت الانتقادات الحكومة الحالية والتي اعلنت عند تسلمها مهامها في شباط الماضي ان "مكافحة الارهاب" ستكون من "أولويات" عملها.

والخميس اقر رئيس الحكومة الحبيب الصيد بوجود خلل امني وراء الهجوم على متحف باردو.

وقال في مؤتمر صحفي "تمت العملية لأنه طبعا صارت بعض الاخلالات (...) في كامل المنظومة الامنية بكل مراحلها" بدءا من "حماية المتحف" وحتى "حماية كل تنقلات السياح من الباخرة (السياحية) وحتى مكان الحادث".

وذكر أن السلطات اتخذت "عدة اجراءات سريعة، الاجراء الاول هو القيام بعملية بحث معمق لتحديد المسؤوليات" في "الاخلالات" الامنية المذكورة.

واثر الهجوم على المتحف، عقد "المجلس الاعلى للجيوش الثلاثة" و"المجلس الاعلى للأمن" الخميس اجتماعا "استثنائيا" أشرف عليه الرئيس الباجي قائد السبسي وحضره رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والداخلية والعدل والقيادات العسكرية والأمنية، وفق بيان للرئاسة.

وقال رئيس الحكومة انه تم خلال هذا الاجتماع "الاتفاق على زيادة التنسيق بين الجيش الوطني وقوات الامن (..) من خلال مزيد التعاون والتناغم".

واعلنت الرئاسة في بيانها ان الاجتماع "أسفر عن جملة من الإجراءات" منها بالخصوص "مراجعة منظومة تأمين الحدود" و"مراجعة السياسة الأمنية بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية" و"القيام بإجراءات تأمين المدن الكبرى من طرف الجيش" و"تشريك المواطن في المنظومة الأمنية".

وأضافت "أكد رئيس الدولة على أن (..) تونس شهدت تحولا نوعيا في العمليات الإرهابية من الجبال إلى المدن، وهو أمر يستوجب تعبئة عامة وحالة استنفار تفرضها ظروف البلاد وتتطلب توخي سياسة أمنية استثنائية". 

وقال أحمد إدريس رئيس "مركز الدراسات المتوسطية والدولية" ان "البنى (الامنية في تونس) ليست مهيئة. يجب ان تكون سلسة القيادة ناجعة اي ان تمر التعليمات (الامنية) بسيولة" لافتا الى انه كان ينبغي إصلاح أجهزة الامن "منذ سنوات".

من ناحيتها قالت الباحثة شهرزاد بن حميدة عضو "المرصد التونسي للامن الشامل" ان اصلاح اجهزة الامن في تونس يستدعي "تغييرات هيكلية تستغرق وقتا" في حين ان البلاد "لا يمكن ان تنتظر".

وبحسب احمد إدريس فإن هجوم الاربعاء ينطوي على "مظهر جديد: الجماعات الارهابية تهاجم الآن رموز سيادة البلاد (البرلمان)، بعدما كانت (عملياتها) في السابق تقتصر على الجبال".

ومنذ 2011، تركزت اغلب هجمات المجموعات الجهادية على الحدود مع الجزائر.

لكن في 2013 حصلت عمليات داخل المدن مثل اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي المعارضين البارزين لحركة النهضة الاسلامية.

وفي ايار 2014 تعرض منزل وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو في القصرين (وسط غرب) الى هجوم مسلح تبناه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.

التعليقات 0