أول برلمان منتخب في تونس منذ الثورة يباشر مهامه

Read this story in English W460

باشر أول برلمان منتخب في تونس منذ ثورة 2011، مهامه الثلاثاء في لحظة مهمة من مسار الانتقال الديموقراطي الناشئ في البلاد التي تعتبر استثناء في دول الربيع العربي التي سقط اغلبها في الفوضى والعنف.

وانبثق البرلمان الذي يحمل اسم "مجلس نواب الشعب" عن الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 تشرين الاول الماضي وكانت اول انتخابات تشريعية حرة في تاريخ تونس.

وأعطى دستور تونس الجديد الذي صادق عليه "المجلس الوطني التأسيسي" في 26 كانون الثاني 2014، صلاحيات واسعة لمجلس نواب الشعب.

وسيمارس البرلمان الجديد الذي يضم 217 نائبا السلطة التشريعية والرقابة على الحكومة لمدة خمس سنوات.

وكان المجلس التأسيسي المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الاول 2011 التي فازت فيها حركة النهضة الاسلامية، مارس العمل التشريعي خلال السنوات الثلاث الاخيرة.

 وكان من المفترض ان ينهي المجلس صياغة الدستور الجديد في أجل اقصاه عاما واحدا من تاريخ انتخابه إلا انه تجاوز هذه المدة بعامين بسبب التجاذبات السياسية بين حركة النهضة الاسلامية والعلمانيين.

وقال مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي في افتتاح اعمال البرلمان الجديد "لقد نجحت تونس في تأمين التداول السلمي على السلطة بطريقة سلسة وحضارية، وفي إرساء متدرج للتقاليد الديموقراطية".

وأضاف "تونس اليوم دولة وسلطة ومؤسسات، أمام امتحان جديد على درب الديموقراطية. لقد أنجزنا الجانب النظري من امتحان الديموقراطية بكتابة دستور توافقي تقدمي ضامن للحقوق والحريات في بعدها الشمولي، ونحن اليوم على ابواب مرحلة جديدة أشد عسرا وأكثر صعوبة وهي مرحلة تنزيل النظري الى ارض الواقع وتطبيقه".

وتابع مخاطبا نواب المجلس "أمام مجلسكم (..) مهمة المصادقة على قانون مكافحة الارهاب الذي يجب ان يكون من اولويات عملكم".

وقال بن جعفر ان المجلس التأسيسي لم يتمكن من إتمام المصادقة على هذا القانون بسبب "ضيق الوقت ودخول البلاد قبل الأوان في الحملة الانتخابية".

وشهدت تونس في 2013 أزمة سياسية حادة بسبب اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عشرات من عناصر الامن والجيش في عمليات "إرهابية" نسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين.

ودفعت الازمة حركة النهضة التي حكمت تونس منذ نهاية 2011 الى ترك السلطة نهاية كانون الثاني 2014 لحكومة غير حزبية تقود البلاد حتى اجراء الانتخابات العامة.

وسلم مصطفى بن جعفر رئاسة البرلمان إلى علي بن سالم النائب عن حزب نداء تونس (يمين الوسط) باعتباره اكبر النواب سنا حسب ما ينص عليه القانون.

وكان من المفترض ان يتم خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب، انتخاب رئيس للمجلس ونائبيْه.

وقد صوت أغلب نواب المجلس على مقترح بإرجاء الانتخاب الى الخميس القادم لتمكين الراغبين في الترشح من تقديم ترشحاتهم الى منصب الرئيس ونائبيْه.

وقال علي بن سالم "نقترح ابقاء هذه الجلسة مفتوحة على أن تستأنف الخميس القادم في الساعة العاشرة صباحا (س 09.00 تغ) ..يتم ايداع الترشيحات طيلة يوم الغد (الاربعاء) وحتى استئناف الجلسة".

ويحظى حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية الاخيرة بأكثرية مقاعد البرلمان (86 مقعدا) تليه حركة النهضة الاسلامية التي حلت الثانية (69 مقعدا).

وحل "الاتحاد الوطني الحر" (ليبيرالي) الذي أسسه سليم الرياحي رجل الاعمال الثري ورئيس "النادي الافريقي" التونسي لكرة القدم في المركز الثالث بـ16 مقعدا، تليه "الجبهة الشعبية" (ائتلاف احزاب يسارية) بـ15 مقعدا.

ولا يملك نداء تونس الاغلبية اللازمة (109 مقاعد) التي تؤهله لتشكيل الحكومة القادمة بمفرده لذلك يتعين عليه التحالف مع أحزاب أخرى.

وغاب الرئيس التونسي المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي المرشح للانتخابات الرئاسية، عن الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب بسبب عدم تلقيه دعوة لحضور الجلسة حسب ما اعلن مدير حملته الانتخابية عدنان منصر.

وكتب منصر على صفحته في فيسبوك "لم تتم دعوة رئیس الجمهوریة لحضور الجلسة الافتتاحية للبرلمان المنتخب. حسب التنظيم المؤقت (للسلطات) الذي لا يزال ساري المفعول، لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يذهب الى المجلس دون دعوة".

وأضاف "كثر يعرفون ذلك ويتصرفون وكأنهم لا يعرفون. يُفترض أننا ندير دولة بمؤسساتها ونواميسها وليس مزرعة عائلية، ولكن منطق المزرعة العائلية العائد إلينا من الماضي الكريه يروق كثيرا من الناس فيما يبدو".

ويشير منصر على الارجح الى حزب نداء تونس الذي اسسه في 2012 الباجي قائد السبسي والذي يعتبره المرزوقي امتدادا لمنظومة الحكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (2011/1987).

وسيتنافس قائد السبسي (88 عاما) والمرزوقي (69 عاما) اللذين حلا على التوالي الاول والثاني في الدور الاول للانتخابات الرئاسية الذي أجري في 23 تشرين الثاني، في الدور الثاني الذي لم يتحدد تاريخه بعد. 

التعليقات 0