الذكرى السنوية الخامسة لجبران تويني: الله سيقاضي الجميع وهو أعدل العادلين
Read this story in Englishأقامت عائلة تويني وأسرة صحيفة "النهار" امس الاحد جنازاً في الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد النائب والصحافي جبران تويني في كاتدرائية مار جرجس في قلب بيروت. وترأس الصلاة متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، في حضور الرئيس السابق للحكومة رئيس كتلة "المستقبل" النيابية فؤاد السنيورة ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء: الياس المر، زياد بارود، طارق متري، منى عفيش، محمد رحال، بطرس حرب، ميشال فرعون وجان اوغاسبيان والسفيرة الاميركية مورا كونيللي وحشد من النواب والنواب السابقين والشخصيات.
والقى عودة كلمة اكد فيها أن "المؤمن الحق في حرب مع كل انواع الخوف ليعيش في الحرية التي هي الايمان، هذه الحرية التي تتعدى الموت وظلمة هذا الدهر وظلمه. الحر يبني حياته على اسس الايمان ومعرفة الحق ويناضل من اجل ان يجعل الكل حراً. الحر عاشق الحق ونظره اليه في كل حين، متعالياً عن كل صغائر الامور، وعشق الحق والحقيقة يسبب ألماً، وهذا الالم يدفع الانسان الحر الى الامام فلا يعود ينشغل بسخافات هذه الدنيا ولا يأبه بأكاذيب الناس وألاعيبهم".
وقال: "هكذا كان جبران المؤمن، انساناً عاشقاً للحرية، لا يحيا الا بها، وعاشقاً للحق، لا يرضى منه بديلاً، لذلك لم يساوم على اي من مبادئه، ولم يبع ضميره من اجل أية غنيمة، مهما غلت... ذلك لأنه كان صادقاً في ما يدافع عنه، وقضيته لم تكن ستاراً تختفي وراءه المآرب والمصالح، بل كانت قناعة عميقة دافع عنها حتى الشهادة، سيفه كان القلم، وسلاحه كان ذاك الصوت المدوي، بهما جابه كل انواع الهجمات، لم يؤمن يوماً بالعنف ولم يتوسله قط، كان الحوار مبدأه والحقيقة هاجسه، قال: اننا سنستمر في قول الحقيقة لانها وحدها تحرر".
وأضاف: "لقد حول جبران انتباهه وفكره الى المثل التي تحمل الانسان الى المحبة، محبة الله ومحبة الآخر، المحبة التي توحد البشر جميعاً في الله. حركته كانت الى العائلة اللبنانية ومنها الى العائلة الأوسع. أحب عائلته هذه ذاك الحب الفريد الذي يرى في المحبوب الحرية والاستقلال، فتحرك نحو هذا المحبوب بعشق كبير جعله ينسى نفسه ومن حوله ليضع كل طاقاته في خدمة هذا الوطن المحبوب، عرف ان هذا يتطلب جهداً لا بل جهاداً مستمراً وبقاء في العشق الذي يقود الى الشهادة، هذا العشق يجعلك تضحي بنفسك ولا تحسب حساباً لأي شيء ولا تخاف من اي شيء يدفعك للذهاب بعيداً".
وتابع: "عرف جبران، الذي أحب وطنه حباً جارفاً وأراده حراً مستقلاً ومزدهراً، ان قدر هذا الوطن ان تكون حريته دائماً معمدة بالدم ولكن قدره ايضاً ان يبقى دائماً شامخاً، وكان يقول نحن نعيش في وطن الحرية، في وطن آمن بالحرية المطلقة. وعندما نتكلم على الحرية لا نعني ابداً الفوضى، لقد جعل جبران لبنان مذبحاً قدم عليه دمه ليفتدي هذه الارض الطيبة، مات ولم يمت وترك الزمن لمن يريد ان يفتدي الوطن".
كما ألقت ميشال ابنة جبران تويني كلمة خاطبت فيها والدها بالقول: "حضورك اليوم اقوى من اي وقت مضى، فلقد زرعت في الصدور فكراً نيراً، كلمة حرة وقلماً جريئاً، واي سلاح يقيد فكراً، يقتل كلمة او يحطم قلماً؟"، وأضافت: "اود ان اطمئنك يا جبران علينا: ناديا وغبريلا دخلتا المدرسة وتسألان عنك دوماً، ويسرني ان اخبرك انه ولد لك حفيد يدعى جبران، والكل يفتقدك، لكن اخاف ان تسألني يا جبران: شو عملتولي بالبلد؟ ماذا حل بثورة الأرز؟ أحتار وأخجل من الجواب وأحاول الاختباء حانية رأسي من العيب امامك وامام كل الشهداء الذين مضوا ليبنوا وطناً بينما الاحياء في هذا الوطن ماضون في خرابه وتدميره".
وتابعت: "اخاف ان تسألني عن رفاق الدرب الذين ذقت معهم الأمرّين، فمنهم من خاف وينصحنا بالنسيان لكن نسيانك مستحيل يا جبران، ومنهم من اوقف مسيرته بحجة الامن والاستقرار والسلم الاهلي، كأن معاقبة مجرمين اصبحت خطيئة، لا تسألني عن العدالة فان الله الذي انت اليوم في جواره سيقاضي الكل وهو اعدل العادلين". وأضافت أن "البعض خذل والبعض تراجع والبعض صمد، وفي طليعتهم الشهداء الاحياء رفاقك وعائلتك: مي، الياس ومروان، واصبحوا اليوم متهمين بكل التهم، فقط لانهم لم يتمكنوا من اسكاتهم ولن يتمكنوا".