المستقبل "عاتب" على المفتي قباني ويقاطعه في عيد الفطر

تشهد علاقة تيار "المستقبل" بمفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني بعض التوتر و"العتب" على خلفية بعض علاقاته المستجدة والتي جاءت في توقيت غير ملائم، بحسب تعبير بعض نواب التيار، مما فجّر غياب نواب "المستقبل" عن صلاة العيد، التي أمّها المفتي قباني في جامع الأمين في وسط بيروت، وعن جولة له بدأها صباح اليوم الجمعة في الجنوب.

وكشفت مصادر في تيار "المستقبل" لصحيفة "اللواء" أن هناك شيئاً من العتب على المفتي على بعض المواقف الأخيرة، لكن هذا لا يحل عداء مكان ود، فالعتب متعارف عليه في الحياة فهو بقدر المحبة والمقام، ولو لم يكن المفتي قباني في موقع المفتي لكان التعامل اختلف، لكن موقعه يحتم عليه التجاوب مع رؤى طائفته وبالتالي التعبير عنها.

وأضافت أن المفتي قباني لم يحد في كلامه عن الثوابت الأساسية، فأكد تمسكه بالعدالة والمحكمة الدولية وضرورة استمرارها، ولم يختلف بذلك عن المفتي مالك الشعّار الذي كان أوضح عبارة وأصرح جملة.

وكان لافتاً ما حصل في مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، صبيحة عيد الفطر السعيد، حيث قاطع عدد من الشخصيات النيابية والسياسية، صلاة العيد التي أمّها مفتي، وما تبع ذلك من انسحاب أعداد كبيرة من المصلين أثناء الخطبة التي ألقاها المفتي قباني.

وأعلن عضو كتلة "المستقبل" النائب محمد قباني، وكذلك الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة، أن عدم مشاركة نواب الكتلة في صلاة عيد الفطر في جامع محمد الأمين رسالة واضحة للمفتي عن التحفظ على بعض علاقاته المستجدة، معتبراً أن هذه العلاقات جاءت في توقيت غير ملائم، آملاً أن يكون هذا التحفظ كافياً، مشيراً الى أن هناك ترقباً من الكتلة لمسار الأمور في الفترة المقبلة.

وأوضح عضو الكتلة النائب خالد زهرمان أن غياب نواب الكتلة عن أداء صلاة العيد لم يكن أمراً مبرمجاً بل كان تلقائياً.

وأكد أنه لا يوجد فرط عقد بين تيار المستقبل وبين المفتي قباني، وقال "ربما هناك سوء تفاهم في بعض المواقف ولكن العلاقة معه جيدة".

كما أعلن النائب جمال الجراح أن لا حرب على المفتي، مشيرا الى ان دار الفتوى مرجعية شاملة وهي حاضنة لكل القوى السياسية ولمسلّمات الشعب اللبناني ولمبدأ العدالة والوحدة الوطنية والاستقرار، لكنه لفت الى "اننا رأينا في بعض المحطات اختلافا وتخطيا لهذه المسلّمات، ومنها استقبال المفتي للسفير السوري علي عبد الكريم علي يوم مجزرة حماة، اضافة الى استقبال وفد حزب الله يوم صدور القرار الاتهامي وهذا لا يعبّر عن دور دار الفتوى".

رأى الجراح ان دار الفتوى لا تعطي تغطية لأحد بل ان ما يغطي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هي أفعاله.

ورأت صحيفة "الاخبار" بأن الغياب هو جزء من حملة بدأت منذ أن قرّر المفتي أن الرئيس نجيب ميقاتي يستحق فرصةً كرئيس حكومة.

ونقلت بأن "معركة قرّر المستقبليّون خوضها مع مفتي الجمهوريّة اللبنانيّة بناءً على معلومات يتداولها الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة بشكلٍ رئيسي، عن أن المفتي قد ذمّ بالحريري خلال زيارته الأخيرة للسعوديّة".

وهو ما تنفيه بشدّة مصادر دار الفتوى، ودائماً بحسب "الأخبار"، لأن اللقاءات التي جرت مع المسؤولين السعوديين، وعلى رأسهم الملك، كانت بمشاركة جميع الوفود من مختلف الدول وبحضور محمّد السماك وهو من المقربين من الحريري، ولم يكن النقاش في أمور تفصيليّة.

وذكرت الصحيفة أن تيار "المستقبل" يُصرّ على وجهة نظره، وهو يقول بأن "المفتي يُريد أن يُمدد ولايته، وهناك صفقات ماليّة بين نجل المفتي وميقاتي، والمفتي يحصل على تمويل من "حزب الله"، والمفتي غطّى مجزرة حماه، عبر استقباله السفير السوري علي عبد الكريم علي بعد يوم من المجزرة وبعد خطاب سعد الحريري المتضامن مع أهل حماه، والمفتي يُساهم في ضرب المحكمة الدوليّة عبر استقباله وفد المجلس السياسي في "حزب الله" في يوم صدور القرار الاتهامي".

وبحسب ما نقلت الصحيفة عن متابعين دقيقين لمجرى الأمور بين دار الفتوى وتيّار المستقبل، فإن التيّار يستخدم مبدأ الهجوم الاستباقي لأن المفتي يُقدّم غطاءً سياسياً لنجيب ميقاتي، وهو ما يرفضه المستقبليون قطعاً.

تضيف المصادر إن تيّار المستقبل يُريد أن يخوض معركةً ويفوز بها، لإعادة تأكيد مرجعيته وقيادته للطائفة بعد سلسلة معارك خاسرة منذ تكليف نجيب ميقاتي، فوجد المستقبل بالمفتي خصماً ضعيفاً كونه لا يملك حزباً ولا يسعى إلى أن يكون زعيماً سياسياً، بل إنه مصرّ على موقعه الديني.

في المقابل، فإن ما يُسمع في دار الفتوى مختلف: ينوي المفتي الدعوة إلى انتخاب المجلس الشرعي في نهاية هذا العام، بعد تمديد ولايته، بغض النظر عن مواقف الكتل السياسيّة، وذلك بهدف إعادة الأمور إلى نصابها في دار الفتوى، وجعل عجلة مؤسساتها تسير مجدداً. كما أن المفتي يُجاهر بأنه لا يُريد التمديد لنفسه، لكنّه لا يُريد أن تُحدّد ولاية المفتي الذي سيخلفه بسنّ 72 للكثير من الأسباب.

الى ذلك، بدأ المفتي جولة له في حاصبيا والعرقوب عند التاسعة والربع من صباح اليوم الجمعة، حيث وصل الى ثكنة مرجعيون بواسطة مروحية تابعة للجيش اللبناني وكان في استقباله مفتي مرجعيون وحاصبيا القاضي حسن دلي وضباط من الجيش اللبناني.

واقيم للمفتي استقبال في باحة مرجعيون شارك فيه النائب قاسم هاشم وفاعليات.

وبحسب صحيفة "الاخبار" فقد حاول "الحريريّون" مراراً مع المفتي إلغاء زيارته للعرقوب، ثم حاولوا تأجيلها. ووصلت اللغة إلى التهديد مرات.