مأساة في كولومبيا تسلط الاضواء على حجم المناجم غير المرخصة
Read this story in Englishالحادث المأسوي الذي اسفر عن ثلاثة قتلى على الاقل وثلاثة عشر مفقودا هذا الاسبوع نتيجة انهيار منجم غير مرخص في كولومبيا، سلط الاضواء على حجم المناجم العشوائية في هذا البلد الذي يعصف به نزاع داخلي واطماع مجموعات مسلحة.
فالمناجم غير المرخصة تشكل 63% من اجمالي المناجم الخاضعة للاستغلال، وترتفع الى 80% اذا ما اخذنا في الاعتبار المواقع التي لم تحصل على موافقة من المراجع البيئية المختصة، كما تفيد الاحصاءات الرسمية.
وفي اعقاب المأساة التي وقعت في سانتاندر كيليتشاو في منطقة كوكا (غرب)، ذكرت منظمة "المدافع عن الشعب" الذي يسهر على احترام الحقوق الاساسية، بأن "ظروف العمل السيئة وسوء حالة البنى التحتية تشكل خطرا دائما على العمال".
وغالبا ما يؤدي وقوع هذه المناجم تحت سيطرة المجموعات المسلحة والعصابات الاجرامية الاخرى المنبثقة من ميليشيات منتشرة منذ نصف قرن في هذا البلد في اميركا اللاتينية، الى زيادة هذه المخاطر.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال الخبير في الشؤون الامنية ارييل افيلا ان تحرك هذه المجموعات يعتمد على "ثلاث طرق" هي جباية "ضريبة"، ويعني هذا التعبير ابتزاز الاموال، ومراقبة التعاونيات التي تشتري الذهب من القرويين، واخيرا الادارة المباشرة للمناجم غير المرخصة حيث تتولى هي تحديد الاسعار.
ويقول افيلا ان منافسة البيرو وبوليفيا حملت تجار المخدرات الكولومبيين الذين يشكلون عاملا آخر من عوامل النزاع الداخلي "على البدء بتحويل اقتصادهم الى الابتزاز على نطاق ضيق والنشاط المنجمي غير المرخص".
وتفيد معلومات النيابة ان ظاهرة المناجم غير المرخصة قد تمددت في انحاء البلاد، اي في 22 من اقاليمها الاثنين والثلاثين.
وعلى رغم ذلك، ما زالت المناجم غير المرخصة قطاعا مهما للاقتصاد، وتؤمن 2,3% من اجمالي الناتج المحلي، كما يفيد تقرير اصدره في 2012 المعهد الوطني للاحصاءات.
الا ان النشاط غير الرسمي اكثر جذبا لانه يؤمن لالاف الكولومبيين "فرص عمل واسباب البقاء، وهذا ما لا يؤمنه الاستثمار المنجمي على نطاق واسع"، كما قال افيلا.
ومنذ بداية السنة، وقع 25 حادثا منجميا يتعلق "50% منها بالاستخراج غير القانوني للذهب"، كما ذكرت الوكالة الوطنية للمناجم.
وفي تقرير جديد، احصت الوكالة الوطنية للمناجم من كانون الثاني الى ايلول 2013، وقوع 66 حادثا اسفرت عن 71 قتيلا و51 جريحا بسبب هذا النشاط المنجمي غير القانوني.
وغياب سلطة الدولة في بعض المناطق النائية اضافة الى الارتفاع الجنوني لاسعار المعادن مثل الذهب في الاسواق الدولية وبعض الفراغ القانوني، عوامل شجعت على ازدهار المناجم غير المرخصة.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال الفارو باردو المستشار لدى منظمة "كونترولاريا" وهي هيئة مستقلة مسؤولة عن تأمين رقابة ضريبية على الاملاك العامة، ان "قانون المناجم ليبرالي جدا بحيث ان صاحب منجم يستطيع عمليا اليوم القيام بكل ما يحلو له".
لكن السلطات قامت بخطوات لغلق بعض المناجم ولا سيما تلك المكشوفة والاخرى القريبة من الانهر، ومنها منجم سانتاندر الذي استأنف نشاطه لاحقا.
وبعد انهيار هذا المنجم، ذكر وزير المناجم والطاقة الكولومبي اميلكار اكوستا الذي حمله ذوو عمال المناجم المفقودين المسؤولية، بأن الحكومة انشأت "قوة خاصة في اطار الجيش" لمكافحة المناجم غير المرخصة.
وقد اغلق حوالى 1167 موقعا غير مرخص وصودرت اكثر من الف حفارة في السنوات الاربع الاخيرة، كما ذكرت السلطات.
واعتبر باردو ان "البديل الوحيد المتوافر للدولة من اجل مواجهة المناجم غير المرخصة هو التصدي لها ميدانيا من خلال تدمير الالات وسجن صغار المنتجين"، مشيرا الى ان لهذه الافة ثمنا يتعين دفعه على الصعد "الاجتماعية والبيئية والاقتصادية".