الارمن يحيون ذكرى الابادة على وقع تعازي تركيا
Read this story in Englishيحيي الارمن الخميس ذكرى الابادة التي تعرض لها هذا الشعب قبل 99 عاما في ظل السلطنة العثمانية، غداة بادرة غير مسبوقة وغير متوقعة من تركيا التي وجهت تعازيها الى احفاد ضحايا تلك المأساة التي لم تعترف بها كابادة.
فقد توجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء بصورة غير متوقعة الى احفاد الارمن الذين قتلوا ابان الحرب العالمية الاولى على يد القوات العثمانية.
واقر اردوغان بان "المعاناة من الاحداث التي كان لها اثار غير انسانية مثل الترحيل خلال الحرب العالمية الاولى يجب ان لا تحول دون ان تنشأ بين الاتراك والارمن مشاعر الرحمة الانسانية المتبادلة تجاه بعضهم البعض".
لكنه لم يلفظ كلمة "ابادة" التي تنفي تركيا التي قامت على انقاض الامبراطورية العثمانية في 1923 حدوثها بشكل قاطع.
من جهته اعلن رئيس ارمينيا سيرج سركيسيان اليوم الخميس في بيان ان بلاده تعتبر ان تركيا "تواصل سياسة الانكار التام" لابادة 1915، بدون ان يشير البيان بوضوح الى التعازي التي عبرت عنها انقرة للمرة الاولى لمناسبة الذكرى التاسعة والتسعين لتلك المجازر.
وقال الرئيس الارمني ان الابادة "ما زالت مستمرة طالما ان (دولة تركيا التي) خلفت (السلطنة) العثمانية تواصل سياسة الانكار التام" للابادة، مضيفا "اننا مقتنعون بان انكار جريمة يعني استمرارها المباشر. وحده الاعتراف والادانة (الابادة) يمكن ان يمنع تكرار مثل هذه الجريمة في المستقبل.
واضاف "نقترب من الذكرى المئوية لابادة الارمن. وذلك يمكن ان يوفر لتركيا فرصة جيدة للندم والتحرر من تلك التهمة الخطيرة"
واكد "ان العام 2015 ينبغي ان يكون رسالة قوية الى تركيا. فموقفها تجاه ارمينيا يتطلب خطوات حقيقية: فتح الحدود واقامة علاقات طبيعية".
وعبارة "المأساة اللانسانية" سبق واستخدمت للمرة الاولى قبل بضعة اشهر من قبل وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو اثناء زيارة الى يريفان.
ففي 24 نيسان من عام 1915 امرت حكومة تركيا الفتاة بترحيل مئات الاف الارمن المتهمين بالتعاون مع العدو الروسي الى ولاية سوريا العثمانية.
ويحيي الارمن الذكرى اليوم الخميس في سائر ارجاء العالم.
ويؤكد الارمن ان 1,5 مليون ارمني قتلوا في عمليات اضطهاد وترحيل. لكن تركيا تقر بمقتل 300 الف شخص رافضة وصف تلك الاحداث بالابادة التي اقرت بها دول عديدة بينها فرنسا.
ورأى المثقفون الاتراك في تصريح اردوغان رغبة في الحد من سيل الانتقادات التي توجه اليه لمناسبة ذكرى الوقائع التي حدثت في العام 2015.
وقال الجامعي باسكن اوران "بالتأكيد يجب الترحيب بهذا التصريح لكنه غير كاف الى حد كبير".
واعتبر قدري غورسل الاخصائي في العلاقات الدولية والمعلق في صحيفة ملييت "مع تلك التعازي تأمل الحكومة (التركية) تخفيف صدمة التعبئة التي تتحضر للذكرى المئوية".
لكن احمد اوغلو التي سأله الصحافيون مساء الاربعاء حول هذه النقطة اكد ان الرسالة لم تكن بدافع الرغبة في تخفيف الضغوط التي يمارسها الشتات الارمني لدى المؤسسات الدولية وانقرة.
وقال "ان تركيا لا تدلي بتصريح تحت قوة الضغوط".
الا ان تصريح اردوغان ولو انه غير مسبوق يبقى فضفاضا ولا يشكل اعتذارا رسميا. فهو اشار في الواقع الى معاناة مشتركة ووصف نهاية السلطنة العمثانية بانها مرحلة "صعبة" بالنسبة لملايين المواطنين العمثانيين، من اتراك واكراد وعرب وارمن وغيرهم، ايا كانت ديانتهم او جذورهم الاتنية.
ورأت الصحافة التركية في الرسالة التي نشرت ايضا في اللغة الارمنية خطوة "تاريخية" للنظام الاسلامي المخافظ في وقت تشوهت فيه سمعته الدولية بسبب قمع الحراك المناهض للحكومة الصيف الماضي والاتهامات بالفساد التي طالت اردوغان.
وعبر كاتب افتتاحية في صحيفة حرييت مرحبا "انها خطوة هامة جدا (...) انها اكثر الكلمات صراحة يمكن ان تصدر في هذه المرحلة عن رئيس وزراء تركي".
فمنذ بضع سنوات لم تعد عبارة الابادة من المحرمات في تركيا التي فتحت ارشيفاتها امام المؤرخين. وباتت تتصدر الاحاديث في البرامج التلفزيونية والاوساط الاكاديمية.
وتنظم فعاليات لاحياء الذكرى ايضا منذ العام 2010 في اسطنبول، القسطنطينية سابقا، التي كانت عاصمة السلطنة العثمانية.
واجرت منظمات تركية لحقوق الانسان والارمن اول فعاليات لاحياء الذكرى اليوم الخميس امام محطة حيدر باشا للقطارات حيث انطلت اول قافلة ترحيل لمئات الاعيان كما افادت صحافية في وكالة فرانس برس.
ورفع المتظاهرون وسط حماية الشرطة صور لمرحلين ولافتة كتب عليها "نحيي ذكرى ضحايا ابادة الارمن: مئات الجروح لم تندمل مع الزمن".
ومن المرتقب اجراء تجمع اخر في المساء في ساحة تقسيم في قلب المدينة.
كذلك سيوجه الرئيس الاميركي باراك اوباما رسالة الخميس الى الارمن كما فعل اسلافه.
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جين بساكي التعازي التركية ب"التاريخية" معتبرا انها قد تعيد فتح الطريق امام تطبيع للعلاقات بين ارمينيا وتركيا.
وفي الواقع تحدث اردوغان في رسالته عن ضرورة اجراء مصالحة بين الارمن والاتراك. وقد جرت خطوة في العام 2007 بين الدولتين المتجاورتين اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية، بدون ان تتكلل بالنجاح بسبب النزاع في ناغورني قره باخ بين ارمينيا واذربيجان حليف انقرة.
وكرر اردوغان مساء الاربعاء ان "اولوية تركيا هي اذربيجان" مستبعدا اي تطبيع مع يريفان طالما استمر النزاع.